<عام يذهب وآخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوءاً يا وطني.

بسم الله

بسم الله الرحمن الرحيم

أطراف النهار «مدارس التحدّي» في المنطقة (ج)

مشاركة التدوينة :

الايام الفلسطينية

أطراف النهار
«مدارس التحدّي» في المنطقة (ج)
حسن البطل
2018-09-16
أمس، بحثتُ، مرة أخرى، عن قصة «حنتوش» لا لقراءة أخرى، بل لأعرف هل صارت مؤلفتها، صالحة حمدين، طالبة في جامعة.
في العام 2012 فازت قصة «حنتوش» بجائزة «هانز كريستيان أندرسون الدولية للقصة الخيالية»، كان لها من العمر 12 سنة. في عامنا الجاري هذا يُفترض أنها أنهت دراستها الثانوية.
الآن، لها من العمر 18 سنة، ومن مدرسة تجمع وادي أبو هندي البدوي لعرب الجهالين، قرب أبو ديس، إلى مدرسة «الخان الأحمر» بين مستوطنتي «معاليه أدوميم» و»ميشور أدوميم»، المهدّدة بالهدم. كم هو رقمها في «مدارس التحدّي»؟ ربما الرقم 11.
في صفحة «عدسة الأيام» لعدد الجمعة، رحتُ أعدّ لا بيوت الصفيح في «الخان الأحمر» والأغنام بل الأشجار فيه. لماذا؟ في طريق «المعرّجات»، الواصل بين رام الله وأريحا عدد من التجمعات البدوية. للمخيمات مشهد فيزيائي مشترك؛ وكذا للتجمعات البدوية في المنطقة (ج): بيوت من الصفيح، وقطعان من الأغنام.. ودائماً هناك أشجار تشكل «واحة» في بقع جرداء للتجمعات!
يصل الماء الشحيح بالصهاريج، بما يسدّ بعض حاجة الناس وسقاية الأغنام.. وكذا زراعة الأشجار، وأول ما تهدم جرافات الاحتلال خلايا شمسية لتوليد الكهرباء، ثم هدم المدارس.. وأخيراً، إزاحة التجمع البدوي من المنطقة (ج).
أُقيم تجمع الخان الأحمر في الخمسينيات بعد النكبة وقبل الاحتلال، بعد طرد وإزاحة «عرب الجهالين» من النقب. الآن، تريد إسرائيل إزاحته لأنه يتوسط «معاليه أدوميم» السكنية ومنطقتها الصناعية و»ميشور أدوميم»، لتصبح المستوطنة وابنتها كتلة أخرى، وضمّ 12 ألف دونم أخرى، للوصول حتى البحر الميت «بحر الملح» بالعبرية!
هذا جزء من المشروع الاستيطاني (E1)، لربط إحدى كبرى المستوطنات شرق القدس، ببقية المستوطنات، لفصم عرى التواصل الأرضي بين شمال وجنوب الضفة.
قبل مدرسة الخان الأحمر، كان التلاميذ يسيرون، غالباً، على أقدامهم، إمّا 11 كيلومتراً للوصول إلى مدارس أريحا، أو 20كم للوصول إلى مدارس العيزرية؟
قبل سنوات، أقام متطوعون فلسطينيون وأجانب مساكن سريعة، ومتواضعة، في الطريق من «معاليه أدوميم» إلى القدس. هدمتها سلطات الاحتلال مرتين أو ثلاث، وكان اسمها «باب الشمس» من رواية إلياس خوري عن موقع من ثلاث مغارات في جليل فلسطين زمن النكبة.
واقع التمدّد الاستيطاني ومقاومته في المنطقة (ج) وإخلاء المدارس فيها، غير واقع التمدّد في جوار القدس، والمقاومة الشعبية للإخلاء والهدم في «الخان الأحمر» .. وغير الإخلاء والهدم في مسافر يطّا، جنوب الضفة، أو الأغوار الشمالية، وبقية المنطقة (ج).
حتى الآن، هدّمت إسرائيل قرية «العراقيب» البدوية في النقب، ربما 160 مرة، وهدمت «باب الشمس» ثلاث مرات، فكم مرة ستهدم تجمع «الخان الأحمر» ومدرسته المختلطة؟
محكمتهم العليا اختارت توقيت رفض الالتماسات ضد الهدم مع بدء السنة الدراسية، وأيضاً وبالذات بعد أن غيّرت إدارة ترامب موقفها من الاستيطان، ولم تعد تعارض توسيعه، وربط «معاليه أدوميم» بمستوطنات القدس الشرقية، وانسحبت من «حل الدولتين».
الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وبعض قوى السلام الهامشية في إسرائيل، أصدرت بيانات تعارض هدم «الخان الأحمر» وتحذّر من مضاعفاته، لكن إسرائيل، مدعومة بالموقف العدائي المستجد لإدارة ترامب، لا تلقي بالاً إلى التحذيرات.
أضافت السلطة ملف إخلاء وهدم الخان الأحمر ومدرسته إلى ملفات المحكمة الجنائية الدولية، فهدّدت واشنطن قضاة المحكمة بفرض عقوبات عليهم، حتى أنها هددت الدول والمنظمات التي تتبرّع لسدّ العجز في ميزانية «الأونروا» بعد وقف واشنطن دفع حصتها إليها، ولاحقاً تقليص مساهمتها في مستشفيات شرقي القدس.
بينما تجري في قطاع غزة، منذ أيار المنصرم، صدامات شعبية مع الاحتلال على خط التماس، وسقط فيها حتى الآن زهاء 170 ضحية فلسطينية، وأقيمت خمسة مخيمات لـ «مسيرة العودة الكبرى» كأن غزة تنقصها المخيمات، فإن مقاومة التمدد الاستيطاني في الضفة تتخذ شكلاً آخر من الاحتجاجات الشعبية، التي صارت معتادة وروتينية منذ بدء أسلوب المقاومة الشعبية، والسلمية والمنظمة، في بلعين 2006.
بعد تشريع الكنيست قانوناً أساساً «إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي» بدأ نواب «القائمة المشتركة» العربية في الكنيست شكلاً ثالثاً، وهو التوجه الدولي إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وكذلك مشاركة بعض هؤلاء النواب في اجتماع للمجلس الوزاري للجامعة العربية، تأكيداً على وحدة الشعب الفلسطيني من جهة، وخصوصية قانون القومية الإسرائيلي للفلسطينيين في إسرائيل.
للبعض أن يفاضل بين أشكال المقاومة لإسرائيل واحتلالها والاستيطان اليهودي، لكن أشكال المقاومة المختلفة، السياسية والشعبية والدبلوماسية يجب أن لا تقبل المفاضلة، بل التكامل.
بخط مرتّب ومطبوع، هناك لوحة لمديرية التربية في مدرسة الخان الأحمر الأساسية المختلطة.. وهناك كتابة بخط يدوي لتلاميذ المدرسة: «العلم نور لمن اهتدى؛ ونار على من اعتدى».

مشاركة التدوينة :

مقالات

التعليقات الخاصة بالموضوع :

0 التعليقات :