<عام يذهب وآخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوءاً يا وطني.

بسم الله

بسم الله الرحمن الرحيم

العرف الاجتماعي في كوسوفو يتخلى عن المرأة المحجبة

مشاركة التدوينة :
في يومنا الحاضر تحول الدين من مكانته المقدسة الحساسة إلى قضية سياسية جدلية، له قوانينه التي يوجبها الدستور وقواعد تفرضها المؤسسات الحكومية، ويذكرنا التاريخ بالجدالات الواسعة التي أثارت الرأي العام في أكثر من حادثة بسبب الرموز الدينية وخاصة الحجاب الذي له تاريخ كبير من الحظر والمنع في الدولة الأوروبية مثل فرنسا والدنمارك.
أما المثير للدهشة أن بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة تمنع مواطنيها من ممارسة حقوقهم الدينية لأسباب قانونية دستورية أو عرفية اجتماعية، وهذا ما يجعل المواطن يعيش اضطرابًا مع هويته الإسلامية، كما حدث من قبل في تونس وتركيا والتي كانت سياستهم تحرم المحجبات من العمل في وظائف القطاع العام ومن المشاركة في الحياة العامة.
أما عن كوسوفو وهي من الدول الأوروبية التي تقع في منطقة البلقان واعتنقت الإسلام عام 1389 مع بداية الفتح العثماني في القرن الـ14، ويصل عدد سكانها إلى مليوني كوسوفي، وتقدر نسبة المسلمين منهم نحو 96% و40 ألف يعتنق الكاثوليكية و25 ألف يتبع الأرثوذكسية، فهذه الدولة ينص دستورها الشرعي على حرية المعتقد وحرية ممارسة الشعائر الدينية، لكن توجهها العلماني وأعرافها الاجتماعية تسمح بأقل من ذلك.
الدستور
في عام 2009 خرج نحو 5 آلاف كوسوفي إلى الشوارع للتظاهر ضد القواعد التي تمنع الفتيات من ارتداء الحجاب داخل المدارس الحكومية، وناشدت الجموع الحكومة بتغيير هذا القرار والسماح للطالبات أن يرتدين غطاء الرأس داخل المؤسسات التعليمية الحكومية، إذ قال خليل كاستراتي منظم المظاهرة “ديننا يفرض علينا طريقة معينة من اللبس، وعلينا احترام قواعده في جميع الأماكن بلا استثناء”، وهذا وفقا لتصريحاته في مقابلات صحفية.
إذ نُظمت هذه المظاهرة بعد أن أقرت المحكمة الدستورية بمنع آريتا حليمي، 19 عامًا، من ارتداء الحجاب داخل مدرسة الثانوية كوفندي ليزهس، القرار الذي اعتبره الكثيرون انتهاكًا لحقوق الإنسان وتعديًا على الحريات الشخصية، وردًا على الاعتراضات قال سامي كورتيسشي أمين المظالم “كوسوفو دولة علمانية ولا يمكن أن تناقض قرارات المحكمة قوانين الدستور”.
 
يمكن السماح بالحجاب في الجامعات عند عمر 18 سنة، وذلك لأن الشخص يكون قادرًا على اتخاذ قرارته بنفسه وتحمل عواقبها، دون أن يكون مجبرًا من أي أطراف
كما صوت الأغلبية في البرلمان ضد اقتراح عرضته الأحزاب الإسلامية، وهو التعريف بالإسلام في المدارس لرفع الحظرعن غطاء الرأس داخل الصفوف الدراسية، إذ صوت 64 من 120 عضوًا في البرلمان بالضد.
تقول فلورا جيتاكو نائبة وزير الخارجية: “الأسباب التي جعلت الحكومة تمنع الحجاب أن هذا الرمز ليس جزءًا من الصورة الثقافية لكوسوفو، وهو صورة عن إخضاع المرأة للرجل، وغياب كامل لحرية الاختيار”، وتضيف: “لا أعتقد أن فتاة بعمر الـ16 يمكنها أن تتخذ قرارًا واعيًا وصحيحًا بشأن هويتها الدينية أو اتجاهاتها الفكرية”، وأشارت النائبة جيتاكو إلى أنه يمكن السماح بالحجاب في الجامعات عند عمر 18 سنة، وذلك لأن الشخص يكون قادرًا على اتخاذ قرارته بنفسه وتحمل عواقبها، دون أن يكون مجبرًا من أي طرف، كما ذكرت أن الآباء يرفضون رفضًا باتًا أن تكون إحدى المحجبات داخل الصفوف المدرسية، لأن ذلك قد يؤثر على طريقة تفكيرهم وسلوكهم. وهذا طبقا لما نشره موقع “بريتشينا انسايت“.
المجتمع
بليرنا نازيفي، وهي محجبة ومن عائلة علمانية التوجه، واجهت صعوبات في اتخاذ قرار الحجاب بسبب عائلتها التي تؤمن بالله ولكن لا تمارس أي نوع من الشعائر الدينية المفروضة، لذلك لم تدعمها عائلتها في هذا القرار، وتقول إن أحد أقربائها لا يكلمها مطلقًا منذ أن قررت التصالح مع هويتها الإسلامية وارتداء الحجاب.
إضافة إلى ما تعانيه المرأة في كوسوفو من بطالة وضعف فيالإنتاجية، فإن الحجاب أضاف عبئًا على النساء اللاتي كان مظهرهن الخارجي يدل على هويتهن الإسلامية والثقافية. ,وهذا وفقا لما قالته نازيفي لموقع “ذا تساتدر وييكلي“.
كما تقول أربنوري أفيدو هوكسها محررة أخبار: “يعتقد الجميع أن الحجاب ليس حرية شخصية أو حقًا دينيًا، وأن للمرأة الحرية الكاملة في التعامل مع مظهرها بالطريقة التي تحددها وحدها دون ضغوط خارجية”.
نورا كوكاج طالبة في كلية الدراسات الإسلامية قالت إن البعض كان يتعمد مناداتها بـ”داعش” خلال مرورها من جانبهم، مستهزئين بزيها الإسلامي وغطاء رأسها، ورغم أنه لم تُسجل أي حالة مغادرة أو انضمام للمرأة الكوسوفية في صفوف “داعش” في عام 2017، فقد غادرت نحو 40 امرأة إلى سوريا والعراق في عام 2013.
وبالفعل يرفض البعض انتشار هذا المظهر الإسلامي بالشوراع في كوسوفو، خوفًا من الاتجاه نحو التشدد أو التزمت، لذلك يرى البعض أنه من الأفضل أن تدافع كوسوفو عن قواعدها العلمانية للحفاظ على صورتها العامة في العالم، على الرغم من أن هذا المنع قد يضر بديمقراطيتها.
 
المرأة المحجبة في كوسوفو غير مرئية ولا يمكن تصور أن تكون طبيبة أو امرأة

أعمال، كل ما يهمهم منها معرفة لماذا ترتدي الحجاب
أما فتيسا أصلاهاني وهي طالبة في كلية الاقتصاد تقول “في أثناء إحدى المحاضرات خضنا نقاشًا عن الدين والاختلاف والتنوع، ووقتها قال لي أستاذي أنا أحترمك لأنك أنتِ أيضًا جزء من المجتمع”، وتكمل “لا أحتاج أحدًا ليخبرني أنه مسموحًا لي أن أكون جزءًا من هذا المجتمع، فأنا أصلًا من هذا المكان مثل أي أحد آخر”، كما تضيف “حقيقة لا أشعر بالإهانة وأنا في مكان عملي، ولا عندما أتجول في المناطق داخل كوسوفو”. هذا حسب تصريحاتها التي وردت في نفس الموقع.
تحمل أصلهاني المسؤولية للإعلام الذي يعمل على ترهيب الفتيات من ارتداء الحجاب بسبب قوانين الدستور والرقابة الاجتماعية العنصرية على زي المرأة في كوسوفو، وجعله يصور الفتيات المحجبات كأنهن يحملن رسائل عدائية عبر مظهرهن الخارجي، وأن مظهرهن يدل على ضعف وظلم، بالمقابل يظهر الفئة المعتدلة من الكوسوفيين أنهم جزء من الهوية والثقافة الأوروبية وهم أكثر شبهًا عن غيرهم لصورة كوسوفو.
نهاية ختمت الصحفية هوكسها قولها بأن المرأة في كوسوفو غير موجودة في الساحات العامة أو البرامج الإعلامية، فالإعلام ساعد على حصر المرأة المحجبة بالممارسات الدينية أو بالصورة النمطية دون السماح لها بالمشاركة في النقاشات السياسية أو الاقتصادية، وتضيف أن المرأة المحجبة في كوسوفو غير مرئية ولا يمكن تصور أن تكون طبيبة أو امرأة أعمال، كل ما يهمهم منها معرفة لماذا ترتدي الحجاب على الرغم من أننا قادرات على تحقيق نجاحات مذهلة كأي امرأة في العالم.
مشاركة التدوينة :

اجتماعي

التعليقات الخاصة بالموضوع :

0 التعليقات :