<عام يذهب وآخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوءاً يا وطني.

بسم الله

بسم الله الرحمن الرحيم

لن نتنازل وسنقاوم

مشاركة التدوينة :
بقلم عضو المجلس الثوري  
  لحركة فتح
 الحاج رفعت شناعة
    8/2/2018

إنَّ الحديث عن المستقبل القريب، والتوقعات التي تحمل الكثير من المفاجآت، يستوجب التوقف عند بعض المحطات المفصلية، كما يستوجب الشمولية في العملية التقييمية، والاستفادة من تجارب الماضي.
لا شك أننا اليوم كفلسطينيين بكل فصائلنا، وقوانا، وابناء شعبنا في الداخل والشتات، أمام الامتحان الأصعب، والتحدي الأكبر، والمطلوب تحديد الخيارات.  وهذه التحديات لا تعترض الجانب الفلسطيني وحده، وانما الفريق العربي كجامعة عربية، وكمغرب عربي، وخليج عربي، فالجميع سيخضع للامتحان الصعب، وعليه أن يتحمل مسؤولياتِ ردوده ومواقفه.
واذا أردنا أن نكون اكثر دقة في المعالجة، علينا أن نذكِّر بأن التحالفات الدولية والمحورية كلها على المحك، لأن مواقف الدول الاسلامية والاوروبية، وأميركا اللاتينية، ودول عدم الانحياز كلها اليوم معنية بأن تقول كلمتها بخصوص القضايا الجوهرية، والمصيرية للمنطقة وللعالم، وعليها أن تجيب على مجموعة من الأسئلة المحرجة بكل وضوح، لأنه لا مجال للاختباء، فالنار مشتعلة، والحريق سيمتد، ومن أَشعلَ عود الثقاب يعتقد أنه سيكون بمنأى عن اللهيب والدمار.
ولا نبالغ إذا قلنا أن مسيرة الامم المتحدة الطويلة والشائكة، والتي إنطلقت وتكاملت بعد حربين عالميتين راح ضحيتها ملايين من البشر، وتم وضع هذه القوانين، والمواثيق، والشرائع الدولية، وأُسست منظمات حقوق الانسان، كل هذا الجهد هو اليوم في خطر، وهذه المواثيق بكاملها أصبحت مهددة بالتلاشي وتكريس مفاهيم وقوانين وانظمة تتناسب مع مصالح الحركة الصهيونية أولاً، ثم مع مصالح الدول الكبرى التي حاولت الذهاب باتجاه الانظمة الديموقراطية، لكنها اليوم تقف مترددة أمام الخيارات الجديدة التي تفرضها واشنطن، وتريد العودة بالعالمِ كله إلى الوراء، إلى زمن الامبريالية الدولية، والاستعمار البغيض الذي نكَّل بكل شعوب العالم، واكتوت بنار الظلم إلى أن نالت حريتها واستقلالها، بعد أن قدَّمت أبناءها ضحايا على مذبح الحرية.
والشعب الوحيد في العالم الذي لم ينل حريته واستقلاله بعد بسبب الاستعمار الصهيوني، المتجسد بالكيان الاسرائيلي، والمدعوم بكل طاقات وقدرات وخبرات الولايات المتحدة عسكرياً، وسياسياً، وأمنياً واقتصادياً، بحيث أصبح على الشعب الفلسطيني أن يواجه منفرداً وهو تحت الاحتلال، وفي أًصعب الظروف، أن يواجه ليس فقط العدو الاسرائيلي، وانما أيضاً العقلية والقدرات العسكرية والاقتصادية التي يجسدها القرار الرئاسي والحكومي الاميركي.
ونحن نشكر الكثيرين من أبناء الشعب الاميركي الذين يقاطعون الكيان الإسرائيلي، ويرفضون سياساته العنصرية، وسلوكه الارهابي والدموي بحق شعبنا الأعزل من السلاح.
الارهابي الدولي الأول دونالد ترامب الذي رَهَنَ موقعه الرئاسي لخدمة الأهداف الصهيونية، وتدمير المؤسسات الدولية وشطْب مواثيقها، وتغييب دورها، واعطاء الفرصة الذهبية لنتنياهو وفريقه الصهيوني لاستخدام العنف، والارهاب المعهود لارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني المتمسك بأرضه منذ فجر التاريخ،  وإتاحة الفرصة لجيش الاحتلال الصهيوني، لممارسة كل ما يحلو له من عمليات القتل، والاعدامات المباشرة، وزج الابرياء من الفتيات القاصرات، والفتيان الصغار، ومن النسوة اللواتي حملْنَ  أعباء اللجوء والتشرد، والظلم، والمآسي.
وجيش الاحتلال الذي ارتكب مجازر صبرا وشاتيلا، وجنين، ورفح هو نفسه الذي يستقوي على شعبنا في فلسطين اليوم بالقرار الاميركي ليذبح شعبنا، ويشرده، ويستعمر أرضه، ويعتقل أطفاله.
ويجري ذلك كله أمام كل الحكومات والدول والمؤسسات والهيئات، ومحاكم العدل الدولية، والجنائية الدولية، ومجلس حقوق الانسان، وأمام كل الامم وخاصة الامة العربية والاسلامية،  فما الذي يجري؟!  وهل سيبقى العالم بأسره ينتظر المزيد من الاجراءات والقرارات الاميركية دون إعتراض على الهمجية التي يتعمدها ترامب من موقعه لتصفية القضية الفلسطينية.
وهل يرضى العالم المتحضِّر أن تقوم أقوى دولة في العالم وبدوافع عنصرية عدائية وحاقدة من تدمير حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره حسب الشرعية الدولية تلبية لرغبة الكيان الاسرائيلي؟!!
ألا يتذكر العالم بكل مكوناته أنه هو بمؤسساته داس على حقوق الشعب الفلسطيني وكرامته الوطنية والانسانية العام 1947، وسرق الجزء الاكبر من أرضنا التاريخية فلسطين، وأعطاها ظلماً وعنوةً إلى الحركة الصهيونية، لتقيم دولةً استعماريةً لشذاذ الآفاق من الجماعات اليهودية التي طردتها المجتمعات الاوروبية وتخلَّصت منها ومن خبائثها، ومؤامراتها، وألقت بهذه الجماعات المتصهينة على أرض فلسطين، لإستثمار وجودها في ضرب الاستقرار في المنطقة العربية، وتجزيء الوطن العربي، واشعال الفتن المذهبية، والطائفية، والاثنية، والصراعات الداخلية المدِّمرة.
إنَّ الموقف الدولي الصامت والعاجز حتى الآن عن اتخاذ قرارات، أو اجراءات رادعة، أو القول لترامب وفريقه كفى إرهاباً بحق الشعب الفلسطيني! كفى تدميراً للقضية الفلسطينية! كفى تجاهلاً للرأي العام الدولي! كفى سفكاً لدماء الابرياء! كفى تخريباً في عالم الانجازات البشرية التي تحققت على أيدي القادة الشرفاء! فإن العالم يكون قد أعفى نفسه من تحمل هذه المسؤوليات الاستراتيجية، وترك الهمَّ كله على عاتق الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت أطول وأسوأ احتلال في العالم كله، والوقائع تشهد على ذلك.
نحن كفلسطينيين إبتداء من سيادة الرئيس محمود عباس وحتى أصغر شبل وزهرة سنبقى المدافعين عن مقدساتنا، وارضنا المباركة حتى لو تخلَّى عنا الكثيرون، لأننا عندما انطلقت ثورتنا أقسمنا أن نواصل المسيرة، وتعلمنا من الرمز ياسر عرفات أنَّ العهد هو العهد، وأن القسم هو القسم، وأن الثورة وجدت لتبقى وستبقى بإذن الله. وتعلمنا من ياسر عرفات أبو عمار الختيار، ومن الرئيس أبو مازن بأنَّ شعبنا هو شعب الجبارين، وأنَّ القدس عاصمةُ دولتنا، وأننا حماةُ الأقصى وكنيسةِ القيامة، والاسراء والمعراج ومهد المسيح، وأننا لن نقبل بدولة على قطاع غزة، فالدولة على أرضنا الفلسطينية.
ونحن ندعو العالم كي يتعظ، ويأخذ العبرة من شعبنا المتمسك بالارض، والاستشهاد عليها. والتضحية من أجل كرامتها.
فعهد التميمي في المعتقل الصهيوني تكابد الأمرَّين، وترفض الاعترافَ مقابلَ نيلِ حريتها، لأن حرية واستقلال فلسطين أعظم من حريتها.
وابراهيم ابو ثريا المبتور الساقين اجتاز كل الخطوط الحمر ليواجه المحتل بصدره العاري، وتخترق الرصاصاتُ صدره، لكنها رسالة الى ترامب بأننا أقوى من المؤامرة. واسراء الجعابيص الاسيرة التي واجهت وصبرت على كافة انواع القمع والتعذيب، ايضاً اكدت بأن هذا الشعب لا يخضع ولا يركع.
وكانت الوقفةُ التاريخية لأحمد نصر جرار، وابن عمه احمد اسماعيل جرار بوجه الجيش الاسرائيلي بدباباته وآلاته، واحقاده، وعنصريته، وكانت لحظات التحدي في جنين في اليامون، والمطاردة من بيت الى بيت، تمكن الجيش الصهيوني بكل عتاده وعديده ان يدمر المبنى على الشهيد احمد نصر جرار، وان يعدم بالرصاص احمد اسماعيل جرار.
وفي الخليل في حلحول، وفي نفس الوقت كان الشبان يتصدون لجيش الاحتلال فاستشهد الشاب حمزة يوسف زماعرة، وأيضاً استشهد خالد وليد تايه في نابلس. واحمد جمعة أبو عبيد في كفل حارس وهو الذي نفَّذ مهمته، وتمت مطاردته، واستشهد برصاص الاحتلال. هذه المواقف المشرِّفة، وهؤلاء الشهداء، وأيضاً الأسيرات والأسرى يشكلون رسالة واضحة إلى ترامب تقول له: من يلعب بالدم الفلسطيني إنما يلعب بالنار التي ستحرقه.
                                                              عضو المجلس الثوري    لحركة فتح
                                                               الحاج رفعت شناعة
                                                                   8/2/2018


مشاركة التدوينة :

مقالات

التعليقات الخاصة بالموضوع :

0 التعليقات :