<عام يذهب وآخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوءاً يا وطني.

بسم الله

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمة المفوض العام للأونروا اجتماع جامعة الدول العربية مجلس وزراء الخارجية لجامعة الدول العربية

مشاركة التدوينة :

القاهرة، 12 أيلول 2017

سيدي الرئيس، السيد الأمين العام
أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة

إنه لشرف عظيم لي أن أخاطبكم اليوم في مجلس وزراء الخارجية لجامعة الدول العربية، كما أود أن أعرب عن خالص شكري وتقديري لمعالي الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبو الغيط على إتاحة هذه الفرصة لي.

أقف أمامكم اليوم، بكل تواضع وقناعة، لأعبر لكم عن مشاعر الغضب التي تتملكني حيال محنة ومصير لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى، لم اواجه في كل مكان سافرت إليه هذا العام لألتقي بلاجئي فلسطين سوى مزيدٍ من الفقر والالم. لقد رأيت الألم والدمار وتكرار النزوح للاجئي فلسطين في مدينة حلب السورية. لقد رأيت العزلة الكبيرة والإقصاء للاجئي فلسطين في مخيم عين الحلوة في لبنان. لقد رأيت الأثر اليومي الذي يتركه الاحتلال على لاجئي فلسطين في مخيم الجلزون في الضفة الغربية وقد رأيت مرةً أخرى خلال الأسبوع الماضي الظروف الإنسانية الكارثية للاجئي فلسطين في قطاع غزة.

لقد التقيت خلال زيارتي الأخيرة إلى غزة مع أربعة أشخاص مصابين بمرض السرطان، وهم: علاء وجهاد ولينا وسمير، وجميعهم تقع أعمارهم بين الـ 20 و 35 عاماً. هؤلاء الأربعة هم من بين 24,000 مريض بالسرطان في قطاع غزة غير قادرين على تلقي العلاج وذلك لعدم أمكانية استيراد الأجهزة الضرورية إلى القطاع بسبب الحصار، اضافة الى حرمانهم من الحصول على التصاريح لمغادرة غزة. لقد انتابني رد فعل غاضب عند استماعي لقصصهم وأقوالهم.

السيد الرئيس، السيد الأمين العام، أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

إن من طبيعتنا البشرية أن نبحث دائما عن هويتنا وعن الفرص المتاحة امامنا وعن كرامتنا. ولكن نحن ايضا في حاجة ماسة أن نبحث عن شيء يمكننا تسميته “أفقاً”.حتى يومنا هذا لا يملك لاجئو فلسطين شيئا، لا شيء على الإطلاق، ولا حتى الاقتراب من أي أفقٍ.

إن كل ما يحدد هويتهم يكمن خلفهم، لقد تم تحديد حياتهم قبل 70 عاماً تقريباً منذ النزوح القسري الأول “النكبة”. إن تجاربهم اليومية تشوبها أسوأ أشكال العنف والإذلال ونكران الحقوق وذلك مرده إلى 50 عاماً من الإحتلال في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة.
ليس أمامهم أي أفقٍ سياسي فلا يوجد عملية سياسية محرزة أو ذات مصداقية لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتحقيق حل عادلٍ للاجئي فلسطين.
ليس هنالك أي أفق شخصي: لا يوجد حرية للتنقل، لا يوجد وظائف ولا إمكانية ضمان إعالة أنفسهم وعائلاتهم.

ومؤخرا خلال زيارة الآمين العام للأمم المتحدة السيد أنتونيو غوتيريش إلى إسرائيل وفلسطين، فقد قالها بوضوح لا لبس فيه بأنه لا يوجد خطة بديلة لحل الدولتين. أنه لمن الضروري إعادة خلق عملية سياسية تتسم بالمصداقية وخلق أفق حقيقي يشمل تحقيق العدالة للاجئين. وفي هذه الأثناء، أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة، فأنني أدعو جامعة الدول العربية لدعم الأونروا بقوة وإجماع لكي تتمكن من المحافظة على دورها الحيوي والهام في خدمة 5,3 مليون لاجئ فلسطيني.

إن دعمكم السياسي ضروري بالنسبة لنا لحماية مهمة وولاية وكالة الغوث من خلال قراراتكم ومن خلال القرارات التي يتم تباحثها في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

إن دعمكم حيوي لنا لضمان عدم نسيان لاجئي فلسطين، فكل بيان قوي يعترف ويقر بالظلم المستمر عليهم وبحقوقهم يمثل رسالة لا تقدر بثمن في التعبير عن التضامن معهم وطمأنتهم.

ان دعمكم ضروري أيضاً لضمان تحسين الاستقرار المالي للأونروا، حيث يتم حاليا التباحث في أفكار جديدة لتأمين التمويل للأونروا وخاصةً إنشاء صندوق وقْف للاجئي فلسطين مع البنك الإسلامي للتنمية. ان الدعم الدبلوماسي من جانب جامعة الدول العربية والدول الأعضاء أثناء الاجتماع الخاص المنعقد من قبل منظمة التعاون الإسلامية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك يشكل اهمية كبرى لنجاح هذه المبادرة.

وعلى وجه الخصوص، أود الاشارة إلى قرار جامعة الدول العربية تقديم ما نسبته 7.8% من ميزانية الأونروا لبرامجها الرئيسية وهي التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الإجتماعية وكان ناجحاً في عامي 2015 و 2016 عندما تقدم شركائنا الاقليميين، على وجه الخصوص المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت، بمساهمات سخية لميزانية البرامج للوكالة مما مكننا من المحافظة على استمرارية خدماتنا، والان نحن بحاجة لتكرار تلك التجربة التي شهدت نجاحا خلال العامين الماضيين.

ولهذا العام تواجه الأونروا عجزا في ميزانيتها العامة يبلغ 126 مليون دولار أمريكي. وعمليا فإن هذا يعني أنه لن يكون لدينا أية أموال بنهاية شهر أيلول الجاري. أنني أدعو شركائنا الاقليميين لتجديد مساهماتهم السخية المماثلة للأعوام الأخيرة بالإضافة إلى دعوتي للدول الأعضاء الأخرى بزيادة مساهماتهم للأونروا.

السيد الرئيس، السيد الأمين العام، أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،

غالباً ما أسمع كلمات للتعبير عن الإعجاب حيال قدرة لاجئي فلسطين على الصمود. يجب أن أخبركم بأن مثل هذه الكلمات تجعلني أشعر بالضيق الشديد. إن القدرة على الصمود هي شيءٌ نملكه جميعا كبشر وهي تتيح لنا التغلب على بعض الصدمات الحتمية أو بعض مصاعب الحياة. ليس هنالك من شيء حتمي في أوضاع لاجئي فلسطين ولا أستطيع التصالح مع نفسي بمدح شخص ما لشجاعته أو لشجاعتها في تحمل المعاناة لعواقب نجمت عن ظلم كان من المفترض إنهائه منذ زمن بعيد.

وفي هذا السياق، فإن ضمان الإبقاء على مدارس الأونروا مفتوحةً لنصف مليون طالب وطالبة ليس عملا خيرياً ولكنه ممارسةٌ لحق أساسي.

شكرا لكم على ثقتكم
مشاركة التدوينة :

شؤون عربية

No Related Post Found

التعليقات الخاصة بالموضوع :

0 التعليقات :

تدوينه عشوائية

تكريم الأديب السفير الدكتور " رضوان عبد الله " بشهادة الدكتوراه الفخرية من قبل حركة السلام بالقارة الإفريقية

رمت حركة السلام بالقارة الإفريقية السفير الإعلامي الدكتور " رضوان عبد الله من قبل ممثل الحركة الدكتور الحسن ولد أح

sourcamps