دار الإفتاء – صيدا:
الحمد لله رب العالمين
، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لا
شريك له ، رب العالمين ، وإله المرسلين ، وقيوم السموات والأرضين ، وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله وخيرته من خلقه وصفوته من خليقته وأمينه على وحيه صلى الله عليه وعلى آله
وأزواجه وصحبه اجمعين امناء دعوته وقادة الويته ومن تبعهم باحسان واهتدى بهداهم الى
يوم الدين
و بعد :
معجزةالاسراء والمعراج من نعم الله تعالى وفضله على نبينا محمد صلى الله
عليه وسلم وخصوصية اختصه الله تعالى بها دون سائر الانبياء والمرسلين لم ولن يصل اليها
احد ممن تقدم او تأخر.
هذا الحدث الجلل كان من أعظم مظاهر
التكريم لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث اسرى الله به من المسجد الحرام
بمكة المكرمة مهد التوحيد ومنطلق الاسلام الى المسجد الاقصى بالقدس الشريف أرض الأنبياء
والمرسلين
قال تعالى ((سُبْحَانَ
الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ
الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ
الْبَصِيرُ))
ومعنى سبحان":
التنزيه؛ أي: إنَّ الله منزَّه في ذاته، ومنزَّه في صفاته، ومنزَّه في أفعاله، لا شريك
ولا كفؤ ولا قسيم له، وليس كمثلِه شيء وهو السَّميع البصير، (سُبحان الذي أسرى،) هذا
الإله القادِر الحكيم منزَّه عن قانون البشَر، منح نبيَّه منحًا تفوق طاقة البشَر،
لا يحدُّه مكان، ولا يجري عليه زمان؛ لأنَّه خالق الزمان والمكان، إذا عرفت هذا ونزَّهت
خالقك عن قانون البشَر، وآمنت بأنَّه قادر على كلِّ شيء، فلا بأس أن تسمع ماذا فعل
هذا الإله القادر، إنَّه أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، والإسراء
المشي ليلاً. {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}: لم يقل: بنبيِّه ولا برسوله،
ولا بمحمَّد بن عبدالله، إنَّما قال: { أَسْرَى بِعَبْدِهِ}؛ لأنَّ صفة العبوديَّة
هي منتهى ما وصل إليْه الواصلون، ولأنَّ الدين كلَّه قائم على تصحيح عبودية الإنسان
لله تعالى على وجه هذه الأرض
يقول العلامة أبو
الحسن الندوي رحمه الله :
«لم يكن الإسراء مجرد حادث فردي بسيط رأى
فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات الكبرى، وتجلى له ملكوت السماوات والأرض مشاهدة
وعيانًا، بل زيادة إلى ذلك, اشتملت هذه الرحلة النبوية الغيبية على معانٍ دقيقة كثيرة،
واشارات حكيمة بعيدة المدى: منها أن محمدا
صلى الله عليه وسلم هو نبي القبلتين، وإمام المشرقين والمغربين، ووارث الأنبياء قبله،
وإمام الأجيال بعده، فقد التقت في شخصه وفي إسرائه مكة بالقدس، والبيت الحرام بالمسجد
الأقصى، وصلى بالأنبياء خلفه، فكان هذا إيذانًا بعموم رسالته وخلود إمامته وإنسانية
تعاليمه، وصلاحيتها لاختلاف المكان والزمان.
قال العلامة ابن
أبي جمرة:
الحكمة في الإسراء
إلى بيت المقدس قبل العروج إلى السماء ارادة إظهار الحق لمعاندة من يريد إخماده، لأنه
لو عرج به من مكة إلى السماء، لم يجد لمعاندة العداء سبيلا إلى البيان والإيضاح، فلما
ذكر أنه أسرى به إلى بيت المقدس، سألوه عن تعريفات جزئيات من بيت المقدس كانوا رأوها،
وعلموا أنه لم يكن رآها قبل ذلك، فلما أخبرهم بها حصل التحقيق بصدقه فيما ذكر من الإسراء
إلى بيت المقدس في ليلة، وإذا صح خبره في ذلك لزم تصديقه في بقية ما ذكره،، فكان ذلك
زيادة في إيمان المؤمن، وزيادة في شقاء الجاحد والمعاند
والحكمة في العروج
من المسجد الأقصى دون أن يكون العروج مباشرة من المسجد الحرام، حتى يجمع النبي صلى
الله عليه وسلم في تلك الليلة بين رؤية القبلتين، أو لأن بيت المقدس كان هجرة غالب
الأنبياء قبله، فحصل له الرحيل إليه في الجملة ليجمع بين أشتات الفضائل،، أو لأنه محل
الحشر، وغالب ما اتفق له في تلك الليلة يناسب الأحوال الأخروية، فكانالمعراج منه أليق
بذلك، أو للتفاؤل بحصول أنواع التقديس له حسا ومعنى أو ليجتمع بالأنبياء جملة و من
هنا ندرك أهمية و مكانة المسجد الأقصى بصفة خاصة
في كيان هذه الأمة ،فمنه ابتدأ المعراج ،ومنه انتهى ، فمن فرط في المسجد الأقصى
يوشك أن يفرط في البيت الحرام ، فلكل منهما مكانته وقدسيته في نفوس المسلمين ، ورحلة
الإسراء كانت إيذانا بانتقال القيادة والريادة للأمة الإسلامية قيادة تقوم على الرحمة
والعدل لا على الغلبة والقهر.
أيها الأخوة:
في ذكرى الإسراء
و المعراج أناشد إخوتي الفلسطينيين على التمسك
بالوحدة الوطنية و رص الصفوف و جمع الشمل بين جميع الفصائل لإجهاض كل المحاولات التي تدفع بالقضية إلى أتون
الإقتتال الداخلي و اشعال نار الفتنة بين أبناء القضية الواحدة و تعكير صفو الأمن و
الإستقرار في المخيم((عاصمة مخيمات الشتات )) ومخيم العوده.
لذلك نتمنى على كافة القيادات الفلسطينيية أن يكونوا على مستوى المسؤولية التاريخية في هذه
المرحلة الخطيرة والعصيبة من تاريخ القضية الفلسطينيية خاصة أن العدو الصهيوني النازي
يصادر ويبتلع الارض ويدمر البيوت ويزيد المستوطنات والمغتصبات على الارض المقدسة و
يشرد النساء و الأطفال ، و يهوّد القدس الشريف ، و يحاول هدم المسجد الأقصى أولى القبلتين،
وثالث الحرمين، و معراج رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي بارك الله حوله لتفريغ
القضية الفلسطينية من محتواها وجوهرها.
وان صيدا كانت وستبقى
مؤمنه بالقضية الفلسطينية قضية الانسان الحر في
هذه الدنيا وقضية الامة في هذا الوجود .
ستبقى صيدا مع الاجماع
الفلسطيني ومع القرار الحر المستقل الوطني للشعب الفلسطيني مطالبة معهم ومن خلالهم
بالحقوق الوطنية لهذا الشعب وفي مقدمتها حق العودة والحقوق الانسانية في العيش بكرامة
الحياة وكرامة الانسان الذي اعطاها الله له والمطالبة بالتعاطي والتعامل مع الاخوة
الفلسطينيين ليس بالجانب الامني فحسب بل بان فلسطين قضية نؤمن بها ونعمل من اجلها ومن
اجل عودها حرة ابية.
أيها الأخوة :
صيدا المجاهدة تشم دائما عبق الارض المقدسة و تتوجّه أنظارها وقلوب أبنائها إلى فلسطين وهضابها، إلى زيتونها وترابها، إلى القدس
الشريف و مجاهديها الأشاوس ، وكنيسة القيامة وحرمتها ، والأقصى وساحاته ومآذنه، و المرابطين
على أرض الأقصى و ساحاته ، و أكناف القدس الشريف
من اجل فلسطين القضية المقدسة قضية المسلمين الأولى .
كما اتوجه بالتحية
الى اولئك الاحرار المعتقلين في السجون الاسرائيلية... في صيامهم الذي نشعر به ونقف
معه ونقول ان هذه الامعاء الفارغة اقوى من كل العجرفه الاسرائيلية الظالمه تحية لهم
وسينتصر الحق على الظلم والنور على الظلام.
اللهم اعزنا بالاسلام
ووحد كلمتنا والف بين قلوبنا واجمع على الحق شملنا وارحم شهداءنا وانصرنا على عدونا
و احفظ لنا الأقصى و فلسطين و أهلنا على أرض فلسطين ، وارزقنا صلاة في المسجد الاقصى
وهو محرر من نير الاحتلال الصهيوني النازي بما شئت و كيف شئت يا قوي يا عزيز.
وما ذلك على الله
بعزيز.
والحمد لله اولا
وآخرا .
التعليقات الخاصة بالموضوع :
0 التعليقات :