محمود زيات ـ الديار:
باكرا ادرك مدير عام الامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم، ان اي حل للتأزم الامني في مخيم اللاجئين الفلسطينيين في عين الحلوة، لا يمكن الولوج فيه من دون «عصبة الانصار الاسلامية»، بحسب مصادر متابعة لملف عين الحلوة، وحين تغيب «ألعصبة» عن ساحات المعالجة المتعلقة بالوضع المتوتر في المخيم، منذ اندلاع اشتباكات حركة «فتح» والجماعات الاسلامية المتشددة، تغيب المعالجة نفسها، وبالتالي، وفي هذه الحالة... يبقى المخيم والفلسطينيون في دوامة امنية خطيرة..مفتوحة على كل الاحتمالات.
يوم كان مديرا لمخابرات الجيش اللبناني في الجنوب، قرر «التوغل» الى عمق المنطقة الامنية الواقعة تحت نفوذ «عصبة الانصار»، وهو اعلم قيادييها في اللحظة التي وصل فيها الى داخل المخيم، فسارعوا الى استقبال «الجنرال الضيف»، يومها لم يُفاجأ اسلاميو «العصبة» من الخطوة ـ المبادرة، بل احدثت الزيارة حينها، صدمة فلسطينية داخل المخيم على حدّ قول المصادر، لكونها حملت الكثير من الدلالات السياسية والامنية، وبرزت مؤشرات مرنة في التعاطي بين الاجهزة الامنية من جهة و«عصبة الانصار الاسلامية»، التي تعتبر التنظيم الاسلامي الاقوى في المخيم، وغير المرتبط باجندات التنظيمات الارهابية، وسجلت خطوات اندرجت في اطار حلحلة الاوضاع الامنية والحقت الاجهزة الامنية اللبنانية، وفي مقدمها الجيش اللبناني خطوة الانفتاح الامني على المخيم، بسلسلة من الخطوات العملانية التي اراحت الفصائل الفلسطينية وسكان المخيم، وبخاصة تسوية اوضاع عدد من المطلوبين للقضاء في قضايا منفصلة عن الملفات الامنية المتعلقة بالتنظيمات الارهابية.
تعزز التواصل اكثر بين الاجهزة الامنية اللبنانية ومختلف القوى والفصائل الفلسطينية، ما ساعد على مواكبة الاوضاع الامنية داخل المخيم، ووضع الاليات المتوفرة التي تكفل محاصرة اي اشتباك مسلح او اشكال امني، لكن التعقيدات التي طرأت على الوضع، بعد تنامي التيارات والجماعات الاسلامية المترابط بعضها باجندات التنظيمات الارهابية التي تقاتل في سوريا، والتي تورطت بعمليات ارهابية في الداخل اللبناني، وفي ظل الاشتباكات السياسية اللبنانية التي وضعت الوضع الامني في المخيمات، خارج دائرة الاهتمام، علما ان بعض القوى السياسية اللبنانية سعت الى توريط المخيمات في حالة التجاذب السياسي اللبناني الذي اخذ في كثير من الاحيان طابعا مذهبيا، لكن الفلسطينيين على مختلف انتماءاتهم السياسية والعقائدية نجحوا في في الحفاظ على التعامل مع كافة القوى اللبنانية، بعيدا عن اي اصطفافات خارج حسابات المخيمات وامنها.
اليوم، ومع عدم نضوج معالجة التوتر الامني السائد في المخيم، منذ نحو اسبوع، والثغرات التي تعترض اطلاق القوة الامنية الفلسطينية في المخيم، لتكون الاداة الامنية التي تتولى معالجة اي حادث امني متوقع في المخيم، وابرزها احجام «عصبة الانصار» الاسلامية عن المشاركة في القوة الفلسطينية، تراهن قوى فلسطينية على دور حاسم للواء عباس ابراهيم، الذي جدد مجلس الوزراء له بالامس، من خارج السلك العسكري بعد استقالته، لتذليل العقبة التي برزت امام انطلاق العمل بالخطة الامنية الفلسطينية، والمتمثلة بامتناع «العصبة» عن المشاركة في الخطة، في وقت يتابع الجيش اللبناني جهوده للتوصل الى آلية تضمن امن المخيم والجوار، وترى اوساط فلسطينية ان لا عودة الى الوراء في ما خص الوضع الامني في المخيم، والمعالجة تكون باجماع كل الفصائل الفلسطينية الفاعلة، ومنها «عصبة الانصار الاسلامية»، وامتناع العصبة عن المشاركة الميدانية في المعالجة الامنية من شأنه ان يعمق الازمة ويضع المخيم امام كل الاحتمالات، بما فيها حصول تفجير امني واسع، يطيح بكل المحاولات الجارية لاخراج المخيم من النفق الامني المظلم. وتوقعت الاوساط الفلسطينية، ان تشهد سلسلة اتصالات على غير خط، لتذليل العقبات التي تعترض العمل بالخطة الامنية التي توافقت عليها الفصائل في اجتماع السفارة الفلسطينية في بيروت.
وتجزم الاوساط بان «عصبة الانصار الاسلامية» المنخرطة في النسيج الاجتماعي للمخيم، على عكس الجماعات المرتبطة بالتنظيمات الارهابية، تكاد تكون الطرف الوحيد القادر على رسم معادلات المخيم، وهي القوة العسكرية الجاهزة اليوم للقيام بالخطوات التي عجزت عنها حركة «فتح» ومجموع الفصائل الفلسطينية، اكان في معالجة ملف المطلوبين اللبنانيين المتواجدين داخل مربعات امنية في المخيم بحماية الجماعات الارهابية.
ولفتت الاوسط نفسها الى ان التجربة الماضية اكدت فشل كل الخطط الامنية التي اعدتها الفصائل في المخيم، وآخرها الخطة التي كلفت بتنفيذها القوة الامنية الفلسطينية المشتركة قبل اشهر، التي تحولت في كثير من الاحيان الى هدف امني، يُستهدف مع كل حادث امني او اشتباك.
ويقول قيادي فلسطيني: لم يعد الوضع يطاق، وحالة الضبابية السائدة في المخيم تنذر بعواقب امنية وخيمة، ستنعكس سلبا على الواقع الفلسطيني في لبنان، وخطورة ما يجري ان لا مرجعية سياسية او امنية فلسطينية والقوة الامنية لم تبصر النور بعد، في ظل «كباش» خفي و«مُدّوزَن» بين «عصبة الانصار الاسلامية « وحركة «فتح» فرضه حسابات الطرفين، لكن ما يطمئننا، يضيف القيادي، اننا نشهد ورشة اتصالات بين القوى الفلسطينية وبالتنسيق مع الاجهزة الامنية والعسكرية اللبنانية للخروج من هذا النفق، ويجب العمل على تذليل العقبات التي برزت في اللحظات الاخيرة لانطلاق الخطة الامنية، لا احد يريد العودة الى الصيغ الامنية القديمة التي تتحكم بها قاعدة المعالجة الامنية بالتراضي، جراء عدم رفع الغطاء عن المتورطين في عمليات امنية او ارهابية والابقاء على المربعات الامنية للجماعات الاسلامية، فالاستمرار في غياب خطة امنية يعني ان مخيم عين الحلوة سيبقى في دائرة التوتير... وسنمضي في المزيد من الفلتان الامني والفوضى... المسؤولية تقتضي من جانبنا، حسم امر الكانتونات الامنية القائمة في احياء المخيم.
ما يهم الفلسطينيين، ترى الاوساط الفلسطينية، الخروج من الدوامة الامنية التي يعيشها مخيم عين الحلوة، وهو امر لن يتحقق بالابقاء على مربعات امنية، واقتصار سيطرة القوة الفلسطينية على احياء لا تشكل مصدرا للتوترات الامنية، بالمقابل، فان المصلحة اللبنانية في ذلك، تكمن في الامساك بالوضع الامني وانهاء الحالة الارهابية القائمة فيه، والمتمثلة بالجماعات المرتبطة بالتنظيمات الارهابية، لان الارتباط وثيق الصلة بين ما تقوم بها الاجهزة العسكرية والامنية اللبنانية من عمليات استباقية ضد الجماعات الارهابية في الداخل اللبناني، لن تعطي نتائجها مع استمرار وجود جيوب امنية خارج سيطرة المؤسسات الامنية والعسكرية اللبنانية، تستوعب كل الفارين من ملاحقات الجيش اللبناني، على خلفية تورطهم في عمليات امنية موصوفة.
التعليقات الخاصة بالموضوع :
0 التعليقات :