مُنذ  ثمانيةَ عَشَرَ عاماً، ومع حلول رمضان يستعد الطباخ سمير أمين جابر إبن الستين عاماً داخل تكية خاصكي سلطان لاحضار سفرة رمضان، في مدخل السرايا الشمالي طريق عقبة المفتي داخل أسوار البلدة القديمة 
عند كل صباح يغسل الارز ويضعه في إناءٍ كبير فيه ماء بارد، ثم يغسل اللحم ويبدأ بطهيه على نارٍ هادئه، يفص الثوم، وما أن تحل الواحدة والنصف من ظهر اليوم يبدأ الاطفال والنساء والرجال من الفقراء والمحتاجين بالاصطفاف بإنتظام خلف الباب من أجل أخذ الوجبات الساخنة، يستقبلهم الطبّاخ بابتسامته العريضة، ويقوم بمهمّته اليومية دون ملل أو كلل.
يقدم الطباخ سمير الوجبات الساخنه لـنحو 156 عائلة مقدسية من المحتاجين، ينوّع في الأكل الساخن مثل: اللحوم "الخروف والعجل والدجاج"،  والحساء: "الملوخية، واللبن، والبطاطا، والبازلياء، والفاصولياء، والأرز".

يشعر الطباخ سمير الذي يعمل موظفاً في دائرة اوقاف القدس، أثناء تواجده في خدمة المقدسيين من الفقراء والمحتاجين سواء في شهر رمضان المبارك او طيلة العام كأنه يستقبلهم في بيته على مدار شهر رمضان المبارك.
وأوضح، أن التكية لا تقتصر فقط على المسلمين وأيضا من المسيحين من داخل البلدة القديمة الذين يتوافدون إليها.
وقال الطباخ سمير جابر أن حساء التكية خاصكي سلطان والذي يقدم على مدار العام، مكونة من القمح المجروش، والسكر، والزبده البلدي (السمنة)، فبعد تحميصها ووضع الماء، يضايف عليها السكر والزبدة البلدي لتصبح وكأنها جبنه داخل قطعة (الكنافة)، "توارثت المهنة كما توارثها الطهاة منذ اليوم الاول لعملي داخل تكية خاصكي سلطان".

وأوضح الطباخ في حديث لـ "الحياة الجديدة" " منذ سبع سنوات وحتى نهاية شهر 12-2016 توقفت الامارات من دعم التكية وفي هذا الشهر اصبح الاعتماد على أهل الخير ومن تجار القدس من يتبرعون بالمواد التموينية مثل الارز والزيت والملح، والبقوليات، والزبده، واللحوم، من أجل استمرارية تقديم الوجبات للفقراء والمحتاجين ولصمود هذا الصرح التاريخي القديم الذي يشهد على فعل الخير لجميع زواره من القدس او ابناء الضفة الغربية".
روكسلانا أنشأت التكية 
أُنشئت تكية خاصكي سلطان على يد روكسلانا عقيلة السلطان العثماني سليمان القانوني "خاصكي سلطان" تعمل على مدار أيام السنة غير أن النشاط فيها يزداد بشكل ملحوظ خلال شهر رمضان المبارك، وتتكون التكية من فرنين، ومطبخ، ومتوضأ، وغرفة ضريح، وأوقفت عليها عقارات كثيرة في أنحاء فلسطين، وهي من أهم المنشآت التي أقامها العثمانيون في القدس. 
وتقع التكية في الجهة الشرقية من السرايا، ويتم الوصول إليها عبر مدخل السرايا الشمالي في طريق عقبة المفتي، ويؤدي إلى ساحة مكشوفة، توصل بدورها إلى درجات حجرية، تؤدي إلى ساحة مكشوفة أخرى، ويقوم في جانبيها الشمالي والجنوبي الفرنان الحجريان، وهما فرنان كبيرا الحجم مربعا الشكل تقريباً.
ويقوم المتوضأ في الجانب الشرقي منها، وهو خزان حجري، وفي أعلاه واجهة حجرية شبه مربعة، أم غرفة الضريح جنوبي المطبخ، وهي ذات بناء حجري، مربع الشكل، ويعتقد أن الضريح للشيخ سعد الدين الرصافي.
والتكية في القدس لها اهمية تطغي على أهمية التكايا في أية بقعة اخرى، فهي لا توزع الطعام والخبز والحساء فحسب، وإنما تساهم في دعم صمود مقدسي أنهكه الفقر، الذي تفشى في بيت المقدس جراء الحصار والوضع الاقتصادي الصعب التي تمر بها مدينة القدس منذ سنوات طويلة من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي.
القدس المحتلة- الحياة الجديدة- ديالا جويحان-