17
عشر عاماً لم تبرح فيها أحلام الطيطي "أم معاذ" حرم أبي الأنبياء، تؤمه
يومياً قادمة من مكان سكنها مخيم العروب، لتمر عبر بوابات الاحتلال
الالكترونية وتخضع لتفتيشه، ليستقر بها المقام بين جنبات الحرم، تتفقده كما
تتفقد أبنائها.
أحلام
هي أول من قاسمت الرجال مهام خدمة الحرم وحفظ نظامه وأمنه، ومساعدة زواره
من النساء وإرشادهن، وتقوم بتنسيق جولات طالبات المدارس وتشرح لهن عن
المكان وعن المجزرة التي وقعت بداخله، وعن الضغوط والحصار والتقسيم الذي
فرضه الاحتلال، إضافة إلى عملها على طمئنة المواطنين وبث مشاعر الأمن
داخلهم أثناء وجودهم داخل الحرم.
تعتبر
الطيطي أن هذه الوظيفة هي دلالة على رضى الله عنها، فيها الكثير من الرضا
والراحة النفسية، وتقول: "عملي سهل لا يحتاج لأكثر من اليقظة. من يمتلك
االإيمان بقضاء الله وقدره لا يخاف من أي شيء، وأن ما كتبه الله سوف يراه
الانسان. الخوف والرهبة شعرت بهما قليلاً في بداية عملي بسبب الحواجز
والاحتلال، وسرعان ما تتبدد".
ليست
أم معاذ المرأة الوحيدة التي أوكلت لها مهمة خدمة وحراسة الحرم الشريف،
فقد سبقتها سيدتان، والآن هي تتقاسم المهام مع سيدة أخرى، إلا أنها الأقدم
في الخدمة، كما أنها بدأت العمل في أحلك الظروف وأكثرها صعوبة من حيث خطورة
إجراءات الاحتلال "الأمنية" التي تصاعدت عقب وقوع المجزرة وما تبعها من
تقسيم وإقامة البوابات الالكترونية.
تذكر
أحلام جيداً كيف كانت المجندات يفتشنها بطريقة مزعجة ومهينة، وكيف رفضت في
إحدى المرات السماح لمجندة بتفتيشها، وما جرى بعدها من صراخ تبعه قرار
بمنعها من دخول الحرم، فتقدمت بشكوى للشرطة والجيش ضد هذه المجندة، وخضعت
للاستجواب، وهناك أخبرتهم أنها موظفة أوقاف وتمتلك بطاقة خاصة تحتم عليهم
السماح لها بحرية الحركة ودون تفتيش.
ذاكرة
ام معاذ خصبة بالاعتداءات اليومية التي يرتكبها الاحتلال وجنوده على
الحواجز المؤدية للحرم، بحق عشرات الشبان من تأخير وتفتيش دقيق وإعادة عبر
البوابات الالكترونية، عدا عن الاحتجاز والشبح والضرب والصراخ وإطلاق
النار والاعدامات، التي وقعت بمحيط الحرم وعلى الحواجز المؤدية اليه.
"نرى
أبنائنا وأهلنا يضربون ويقتلون ولا نمتلك تقديم أي مساعدة. بالأمس بكيت
على شاب القاه الجنود على الأرض ووضعوه تحت أقدامهم، وبعد ذالك اعتقلوه.
هذه المشاهد تقهرنا وتأثر كثيرا علينا". تقول أم معاذ.
بالنسبة
لأحلام الطيبي الأم لأربعة أبناء -ثلاثة منهم أكملوا تعليمهم وان ابنتها
تدرس التمريض على مشارف التخرج-؛ فإن المرأة قادرة على العمل والإنجاز وفي
كافة المجالات، كما أنها تنجز عملها في أحيان كثيرة أفضل من الرجل، وتستطيع
تكوين أسرة والتوفيق بينها وبين العمل، "لولا عملي لما تمكنت من توفير
احتياجات ابنائي".
وترى
الطيطي أن الإسلام أعطى المرأة كافة حقوقها، وساواها بكل شيء، وأن القرآن
والأحاديث القدسية والنبوية اشتملت على تكريم شامل للمرأة، وأن المجتمع هو
من ظلمها بمنع إعطائها الحقوق التي أقرها الله.
التعليقات الخاصة بالموضوع :
0 التعليقات :