<عام يذهب وآخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوءاً يا وطني.

بسم الله

بسم الله الرحمن الرحيم

واقعية سياسية فلسطينية

مشاركة التدوينة :


سعدات بهجت عمر
يزداد التأكيد يوماً بعد يوم المطالبة في الأوساط الشعبة الفلسطينية على ضرورة إعادة المزيد من الانتباه الى تجاوز حالة الانقسام والتشتت التي يعاني منها الصف الفلسطيني وبلوغ صيغة واقعية وثورية ممكنة التحقيق للعمل الفلسطيني الوطني المشترك ضد حالة الانقسام، ويرى شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات ان تنضيج مثل هذه الصيغة يعتبر في الظروف الراهنة من اهم المهمات التي تواجه الوحدة الفلسطينية واعادة قطاع غزة الى حضن الشرعية الفلسطينية، وحول هذا الهدف تتفق أوساط وقوى وطنية واسلامية وقومية عربية واسعة رغم اختلاف عقائدها وسياساتها على أن تحقيق مثل هذه الأداة يشكل نقله نوعية في الكفاح الثوري والوطني الفلسطيني لمجابهة وافشال الهجوم الاسرائيلي الصهيوني المتواصل على شعبنا الفلسطيني ووجوده في ارضه التاريخية بالقتل والتدمير والحصار والتهجير والاستيطان.

هنا يجب أن يجري التحري عن العناصر الايجابية للانطلاق منها في البحث عن صيغة جدية ومتينة لتوحيد نضال القوى الفلسطينية حيث تترسخ القناعة لدى دائرة متسعة من هذه القوى ( الفصائل والحركات الثورية الفلسطينية) بأن تدقيق الطروحات بجرأة عنصر هام للخروج من الحالة السلبية الراهنة التي تعيشها جماهيرنا الفلسطينية، وضمانة لنجاح أي خطوة إيجابية في التحالف النضالي ضمن الشرعية الفلسطينية الممثلة ب"م.ت.ف" وسلطتها الوطنية بقيادة الرئيس أبو مازن.
الوحدة الفلسطينية هي أم القضايا في العمل الوطني الفلسطيني وهي مفتاح المخرج من المأزق فلا عجب اطلاقاً أن تكون قضية الوحدة الوطنية أكثر القضايا هيمنه والحاحاً على الحوار الوطني في مختلف أصعدته وأجوائه، ولا عجب أن تكون أيضاً ساحات بحث الوحدة الوطنية مرتعاً للمزايدات والتخريجات ومن العقد ذات الأثر العميق المدى الذي تراكم عبر السنين الماضية ربما يستغرب من عجز قراءة الواقع قرائنه ومدلولاته أن الشرذمة والضياع الآن ما هما إلا صورتين خطيرتين من صور المأزق الخانق والقائم حالياً في إطار حركة حماس على أننا لا نقول في ظل وهم ولو للحظة واحدة بأن تحقيق الوحدة الوطنية في ظل حكومة وحدة وطنية قوية ما هي إلا الحل السحري لكافة معضلات ومشكلات شعبنا الفلسطيني.
ليس من السهل أن يذهب الانسان الفلسطيني لمواجهة الموت وهو يعلم أن عدوه يعُدّ ويعدّ وخلف آلات الموت قابع إلا أن يكون واثقاً بالنصر بالمستقبل، والفلسطينيون كملة منسوبة الى فلسطين وما كان لشعبنا الفلسطيني أن يجمع في هذه المزايا فكراً وخُلقاً ومقاومة لولا أن تلاقت في نسيج هذه الشعب الفكري والثوري والنفسي رحلتان عابقتان بأسمى المعاني والقيم والدلالات رحلة التاريخ الثوري بكل محطاته ورحلة الجغرافيا حيث التواصل لم ينقطع يوماً بين شعبنا وفلسطين، فكما عاش شعبنا حياته مسكوناً بتلك المحطات التاريخية الثورية الشديدة الحضور في تكوينه الشخصي والعقائدي، بل بذلك الإرث الفلسطيني الجهادي من بداية الثورات في بداية العشرينات من القرن الماضي وحتى انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة بداية 1965 فإنه مازال مشدوداً الى تلك الآفاق والمسافات بين رام الله وغزة، وعلى امتداد فلسطين لأنه لا يمكننا أن نختصر الانسان والآرض كما فعل أمير الشهداء وأبو عمار حيث لا يمكننا أن نقول أنه صوت الصحراء إنه فعل تاريخي ومحدد حوله أي شعبنا الفلسطيني أخذت الأشياء حجمها أي أن بينه وبين القضية وبين فلسطين علاقة متبادلة تؤثر عليه ويؤثر فيها لأنه شعب من فلسطين شردوه حمل فلسطينية كما حمل المسيح صليبه وراح يزرعها رصاصاً وبنادق وفكراً ورجالاً في الشتات وفي القلب في فتات الخبز اليومي، في العقيدة في فلسطين المشردة قاوم هذا الشعب النفي جسداً وروحاً وعقلاً وحركة صار المنفى والوطن وغدا العقيدة والرصاصة في ثورة يحاول أصحاب الانقلاب الأسود أن يدفنوها، ولكنها تقاوم وتقدم الضحايا بلا توقف قرباناً لحياة كل يوم حتى لحظة العودة الى كنف السلطة الوطنية واعلان الدولة المستقلة الجامعة بين جناحي الوطن لأنها ليست لعبة رياضية بل صراع الحياة والموت، والآن يصرخ الدم في شرائح شعبنا جميعاً وبلا استثناء أن واصلوا بلا كلل بناء وحدتكم الوطنية، وارتفعوا عن العقد والحساسيات وغلّبوا تناقضكم الرئيسي مع العدو المحتل على التناقضات الفرعية التي لا مفر منها في كل حركة وطنية ثورية تتعدد منابعها الفكرية وشدّدوا على قاعدة الثورة والدولة الجوهرية العتيدة ابو مازن الوعي السياسي الوعي الفلسطيني، ولا تقتنعوا بموقف المتفرج أو النائج من رموز الثورة الفلسطينية ياسر عرفات احمد ياسين فتحي الشقاقي وغيرهم الكثير فالمتفرج أو النائح شريك في الجريمة، والجريمة منا عامة شاملة للجميع.
إن "م.ت.ف" وهي تعتمد على القوى الأساسية لشرائح شعبنا، وتقوم في كل مرحلة بتقدير دقيق للتغيرات التي تطرأ على مواقع الفصائل والمنظمات وتحدد بشكل سليم العدو الأكثر خطورة ذلك الذي يجب الإطاحة به سوف يُطبّق بتكتيكات مرنة للغاية وتدفع بحكومة الوحدة الوطنية بدون توقف وتقودها لكي تتبنى أشكالاً من العمل المشترك من أجل هدف ثوري محدد ومباشر ومن هنا تنقسم المعضلات الأساسية في مسيرة الوحدة الوطنية من حيث طبيعتها في فئتين الأولى وهي المعضلات الموضوعية وقد أخذت ملامحها منذ نشأة حركة حماس من التباين في المنطلقات وتصورات العمل ومن أجل اختلاف الرؤى، وكذلك من تباعد الخلفيات التنظيمية من التشرذم والصراع الخفي مضافاً إليها الجهد الكامل تقريباً لحركة حماس لم يتوجه تحديد وحدة الهدف والاسلوب منذ انطلاقة 1987 في صالح تنمية علاقات وحدوية تدريجية، وان الى التركيز على الذات ذات حركة حماس والتحجر عندها حتى كادت وحدة الهدف والاسلوب تمسي قضايا بلا مدلول عملي فاعل إلا بما يصبّ في خانه دمار شعبنا وهلاكه، وباتت واضحة أمام المطلّع وغير المطلّع على مشاكل شعبنا، والثانية هي المعضلات الذاتية، ومن الواضح انه لو أمكن التغلب على هذه المعضلات وتقليص هجومها لأصبح متاحاً التصدي للمعضلات الموضوعية وعلى رأس قائمة المعضلات الذاتية تأتي قضية العقلية التي تهيمن على قيادات حركة حماس والتي أفرزت عجزاً تنظيمياً وعسكرياً ومؤسساتياً وكذلك سياسياً وأمنياً كما هو الحال في قطاع غزة. ثم تأتي قضية عدم القدرة على تخطي جدار أزمة الثقة التي ظلت تتفاقم الى الآن حتى بلغت في كثير من الأحيان إفتعال الصدامات والاغتيالات والتدخلات الغير مبررة ولا مقبولة ثم يأتي الأسلوب التاتج من هذا كله الذي اعتمد لمجابهة المعضلات والمشاكل والذي يعتبر انعكاساً أمنياً لطبيعة العقلية الحمساوية، وقد تميز الاسلوب بصيغة الهروب في اتجاهين نحو الذات في محاولة دؤوبة للتركيز عليها وابرازها ومناطحة كل شيء من أجلها، والاتجاه الثاني نحو المجهول اي نحو قضايا غير مضمونة الطريق ولا النتائج عن المعضلات والمشكلات الحقيقية وعن جوهر الأزمة وفي ظل غياب الفهم والقناعة الاستراتيجيين، وكذلك في غياب الفهم العلمي لكيفية بنائها من حيث القوى والبرامج فإن التعامل قد تميز بصفتين رئيستين الموسمية والفوقية، وهكذا كانت تنتهي المحاولات دائماً ومازالت الى مزيد من التعقيد نريد الحوار والوحدة ولكننا دائماً نخشاها، هنا يكمن سر الفشل رغم الجهود ورغم اللقاءات والاجتماعات المضنية والمكثفة، ولتبدأ أية محطة في العمل الوطني الفلسطيني مهما كانت بالتسلح بتاريخنا النضالي تاريخ ياسر عرفات واحمد ياسين بهذه الدروع وبغيرها وعلى رأسها صمود القيادة الفلسطينية ممثلة ( بالرئيس أبو مازن وصمود جماهيرنا عندها نجترح المعجزة لنبتعد عن الأوهام والمراوغات والاتهامات التي تعبّر بسطوع عن مزاج كراهية المصالحة والحوار الوطني عن مزاج الوقفة المتسائلة الحائرة أمام الواقع الفلسطيني الرهيب عن الشكوك والمستقبل الغامض، ونحن نعيش المأساة بحق ونحن نحاول البحث عن نقطة ضوء حقيقية الى مستقبل يطالب بتحرير الصدق من عبودية الكزب علماُ أن الأصول المتعارف عليها في التراث والعادات الفلسطينية لا تسمح إلا بإطالة الأخذ والرد وعرض المقترحات والمقترحات المضادة، فاتفاقيات القاهرة ومكة والدوحة واضحة لنلتفت جميعاً نحو فلسطين المدمّاة الواقعة بين مخالب الطمع لنتلمس مظاهر الجرأة من أجل نمو أكثر طبيعية بالطيبة والالفة الفلسطينية وأكثر إصراراً في وجه ردود الافعال والانفعالات العاجلة.
إن ما يعنينا هو القول أن بوسع هذه اللحظة الفلسطينية المُعبرة عما تحمله الجماهير من أجنّة ثورية بسّامة أن تصمد فتتسع فتحدد ملامح المستقبل القريب والبعيد لهذا الوطن الفلسطيني المجيد ستكون اللحظة زينة، وستكون ذاتها أغنية فلسطينية قومية جاعلين الذين يتصدون لهذه اللحظة الفلسطينية لإطفائها يكتشفون أنهم اختاروا الجلوس في عراء الهزيمة التي لم ولن تقدم لهم لا أرضاً محتلة ولا أخلاقاً ولا فكراً ولا ثورة على الثورة ولا طاقة على الضغط ولا تعمير وطن أو صدقة.
لا بد من الأخذ بالحسبان لدى البحث في أسباب ضعف المقترحات التي لا تزال تتشبث في البقاء سلطة قمعية لحماس في قطاع غزة نتيجة لعوامل يصعب التوقف عندها الآن إن فعالية ومتانة أي عمل مشترك يرتبطان الى حد كبير بوجود برنامج يُجسّد مصالح وتطلعات شعبنا الفلسطيني في الوحدة وتقرير المصير بإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وان مثل هذا العمل المشترك وأياً كانت تسميته وشكله اذا كان يراد له أن يكون تحالفاً كفاحياً راسخاً ومتطوراً يستحيل تحقيقه إلا تحت مظلة " م.ت.ف" لا عن طريق الاتفاقات الفوقية التي أدت الى الانقلاب الدموي الاسود في قطاع غزة 2007 والذي سعت اليه حركة حماس لتوافق حركة جماهيرنا في القطاع مع  حركة النظام السياسي القمعي لحركة حماس المرتهن للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين والتناقض ظاهري فقط لفرض هيمنة حركة حماس على المجتمع في قطاع غزة بالقتل الارهاب والاعتقال وإلغاء الشريك في الوطن حتى وصلت الحالة في قطاع غزة الى حالة الانحدار المميت الذي يتماشى مع الضباب الاجتماعي لتعمية أهداف شعبنا في تقرير مصيره بإمارة ممسوخة وتحويل التنظيم الفأر الى تنظيم الفيل، وبتصور هذه التوجيهات دون دراسة الواقع الملموس الذي يعانيه الشارع الشعبي الفلسطيني هذه السمة سمة الكسل الذهني والفكر المتحجر عندها تصبح الأجوبة محفوظة لأن الاسئلة محفوظة ورودود الأفعال جاهزة كما تعيشه قيادة حركة حماس طوال فترة الحوار الوطني.
مشاركة التدوينة :

مقالات

التعليقات الخاصة بالموضوع :

0 التعليقات :