<عام يذهب وآخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوءاً يا وطني.

بسم الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الشرعية الفلسطينية تواجه الاستهداف الصهيوني

مشاركة التدوينة :


منذ ان أعلن دونالد ترامب عن ولادة صفقة القرن، مع بداية تسلمه مقاليد الرئاسة، بات واضحاً للقاصي والداني أن الاستهداف الأساس والمركزي في هذا المشروع الصهيوني هو إستهداف القضية الفلسطينية، وتفتيت الثوابت الفلسطينية، ومحاصرة القيادة الفلسطينية سياسياً، وأمنياً، ومالياً، وفرض الحصار الاميركي على كل من يتعاطف مع الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، أو من يصطف دائماً مع قرارات الشرعية الدولية التي تنصف عدالة القضية الفلسطينية. ووصلت الامور بواشنطن أنها تفرض الآن الحصار على قرارات مجلس الأمن، ومحاربة وتحطيم أي قرار يمسُّ بالجانب الاسرائيلي الطفل المدلَّل عند ترامب، فكلاهما من مخلفات الحركة الصهيونية الدولية التي بدأت عدوانها المبكٍّر على الشعب الفلسطيني منذ العام 2/11/1917، وعد بلفور، وصولاً إلى قرار التقسيم واقامة الكيان الصهيوني على الارض الفلسطينية التاريخية التي تعود جذور شعبها إلى الكنعانيين واليبوسيين.
وعلى ما يبدو أن دونالد ترامب المتجذّر والغارق حتى أذنية في مستنقع الصهونية الدموية، والتي هي أشد فاشية من النازية، يسرٍّعُ الخطى باتجاه تحقيق أهدافه السياسية الرامية إلى شطب حق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، كما أنه ينشط ليل نهار لتحويل كقضية اللاجئين الفلسطينين التي مرَّ عليها سبعون عاماً إلى قضية إنسانية، وشطبهاَ القضية سياسية ووطنية تلبية لرغبة الكيان الصهيوني. ويعزٍّز ذلك التصريحات الاميريكية نفسها حيث يصٍّرح السفير الاميركي فريدمان بأنه لا يوجد أراضٍ محتلة في الضفة، وانما هي بكاملها أرض إسرائيلية.
كما أن كافة المسؤولين الاميركيين يعتبرون الاستيطان القائم والقادم هو من حق الكيان الاسرائيلي العنصري لأنه يتم على أرض إسرائيلية.
أضف إلى ذلك قرارات الكنيست التي شرَّعت مصادرة الاراضي، كما شرَّعت قتل الانسان الفلسطيني، وأقرت حق إعدام الأسرى الفلسطينيين.
أضف إلى ذلك الضغوطات الهائلة على مختلف الدول، وخاصة العربية والاسلامية، وغير الاسلامية من أجل تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، وإلاَّ فإن العقوبات الاقتصادية على هذه الدول جاهزة كحد السيف، ولا ترحم، لأن المشروع الذي أعلنه ترامب يجب أن يمر في أسرع وقت، وبكل تفاصيله، خاصة أن هناك تراخياً، واستكانة من بعض الدول العربية وغيرها.
أضف إلى ذلك كله بعض الأزمات التي تنهك الوضع  الفلسطيني وبالتالي شئنا أو ابينا فإنها بالتالي تساعد على تمرير صفقة القرن:
أولاً: إلاصرار على عدم إنهاء الانقسام، وابقاء الجرح الفلسطيني نازفاً حتى لا نتمكن من استعادة وحدتنا.
ثانياً: الإصرار الواضح من بعض الإطراف على إسقاط الشرعية الفلسطينية، ومحاربة أي شكل من أشكال النهوض بمنظمة التحرير الفلسطينية، إضافة إلى العمل دولياً وعربيا ومحلياً على إستبدال رمز الشرعية الفلسطينية بأدوات أخرى فلسطينية يسهل تطويعها، وتدجينها، والاملاء عليها بما يساعد على تحرير صفقة ترامب الصهيونية.
ثالثاً: العجز الدولي حتى عن أخذ قرار بحماية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لكل أنواع القتل العمد، واسقاط آلاف الجرحى، وتعذيب الأسرى وخاصة المرضى، إضافة إلى تدمير البيوت، والتنكيل بأهالي القدس. والمضحك المبكي أن نتنياهو زعيم اليمين الصهيوني يقول إن (إسرائيل) هي التي تحتاج إلى قرار من مجلس الأمن لحمايتها من الفلسطينيين الارهابيين، وبذلك تستطيع واشنطن عبر حق النقض الڨيتو إسقاط القرار العربي الفلسطيني الذي يطالب بحماية الشعب الفلسطيني.
رابعاً: ما يحدث في قطاع غزة مؤخراً من تصرفات مرفوضة من قبل سلطة الامر الواقع سواء أكان ذلك من خلال الاعتداء على بيت عزاء الشهيدة الفلسطينية رزان النجار التي قدَّمت روحها من أجل إنقاذ أرواح أبناء شعبها هناك على جبهة غزة. وأيضاً من خلال الاعتقالات، وعمليات خطف كوادر حركة فتح سواء كانوا من الشبان أو الشابات، واخفائهم في مقرات أمنية خاصة بالتحقيق والتعذيب. وآخرها كان إختطاف أمين سر إقليم الشرقية الاسير المحرر ابراهيم أبو علي، وهو من قيادات حركة فتح، ثم خطفه مع أفراد من أسرته، ولا ننسى الأخت المناضلة عضو الاقليم سماح ابو غياض التي تم خطفها إلى مكان مجهول، واستمرت في المعتقل ثلاثة وعشرين يوماً. وفي كل يوم هناك مداهمات واعتقالات من قبل تنظيم بعينه، ويجري ذلك كله على مرأى ومسمع من كافة الفصائل الفلسطينية. فهل أصبحت حركة فتح كتنظيم مستباحة في قطاع غزة، وأين هي القوى الوطنية إذا بقي شيء من الشراكة الوطنية؟ وهل ما زال قطاع غزة ساحة عمل وطني؟!!
خامساً: على ضوء ما يجري، أُعذرونا إذا قلنا أصبحنا خائفين على مستقبل قطاع غزة، وهل هناك من يريد إدخال قطاع غزة في البزار السياسي المفتوح الآن، والذي يمِّهد الأجواء لإقامة الدولة الفلسطينية على قطاع غزة، وهذا ما كان يفكَر ويخطط له شارون عندما سحب جيش الاحتلال، والمستوطنات من قطاع غزة.
فهل المطلوب حل سياسي في إطار صفقة ترامب على أنقاض حركة فتح في القطاع من خلال إستهداف قياداتها وعناصرها، ووجودها التنظيمي؟ واذا كان هناك من يفكر بذلك نقول له عليك أن تتذكر بأن جريمة الانقسام التي تمت في العام 14/6/2007 قد تتكرر اذا استمرَّ الوضع على ما هو عليه اليوم، لأنها تصب في نفس الإطار وفي نفس الهدف، وسيندم الصامتون، ولكن لات ساعة مندم.
ونحن نقول لأبناء حركة فتح الذين أسسوا أعظم ثورة في التاريخ المعاصر، نقول لأبناء وتلامذة الرمز ياسر عرفات، وابو جهاد الوزير، وصلاح خلف، وقائد المسيرة المؤتمن على الثوابت الوطنية الرئيس محمود عباس، والذي تحدى كل المتآمرين على القضية الفسطينية، وعلى حقوق شعبنا.  وقرَّر التصدي لصفقة العدوان الاميركي.
نقول لأبناء الفتح وكل الاوفياء من أبناء شعبنا بأنه مطلوب اليوم المزيد من التكاتف، والتعاضد الداخلي الفلسطيني، والأهم كيف نصنع الوحدة الوطنية رغم كل الجراح والمآسي، ورغم كل العداوات، والاحقاد، والهموم والازمات الامنية، والاجتماعية التي ملأت القطاع، وحتى الآن لا يوجد مخرج لهذا الوضع المأزوم، لأن كل فريق له حساباتُه الخاصة.
وحتى نستطيع الحفاظ على الحد الأدنى من القدرات لمواجهة المؤامرات، على أبناء حركة فتح أن يكونوا جسماً واحداً موحداً تقوده قيادة حركية لا تفكر إلاَّ بتأمين الحصانة والحماية لفتح الرائدة، ورفض كل محاولات الشرذمة، والتمحور، والشللية، وكل محاولات تسميم أفكار أبناء التنظيم، والجيل الناشئ.  فعلى فتح ابتداء من قيادتها الأولى الالتفاف حول سيادة الرئيس أبو مازن الذي أثبت جدارته، والتصدي لحرب الاشاعات التي ترعاها (إسرائيل) والولايات المتحدة وبعض الابواق العربية لإذكاء الصراعات داخل إطار حركة فتح، تحت ستار من الشائعات الملفقة من أجل إثارة الفتنة الداخلية، والسماح لأصحاب المشاريع الإقليمية لإدلاء بدلوهم المسموم في جسم هذه الحركة التاريخية، التي رفضت الركوع لأي جهة دولية أو عربية، وظلَّت شامخة في مواقفها، وتمسكها بحقوق شعبها الوطنية.  وتتمسك دائماً بهذه الحصانة الشعبية الفلسطينية فهي الرصيد الاكبر والاقوى.
يا أبناء حركة فتح، ويا جماهير فتح انتم الذين قدمتم الشهداء والجرحى، والأسرى، وما زلتم، أنتم اليوم السند الأقوى لهذه الحركة الرائدة، وهي اليوم الجدار الأخير في معركة التحدي لصفقة ترامب.  الضربات على ظهر هذه الحركة ستكون قاسية بهدف التصفية لإنه إذا غرقت فتح سينهار البنيان الوطني الفلسطيني.
فهل ستتمكن حركة فتح بكل مكوناتها، ومعها جماهيرها أن تكون على مستوى المسؤولية التاريخية، وهي التي اختارت منذ البداية طريق القرار الوطني الفلسطيني المستقل، وتمسكت برفض التبعية والوصاية، والبيع والشراء على حساب فلسطين، وهي التي رفضت أن تكون في جيب أحد، أو أن تساوم على أي موقف وطني؟؟
نأمل ذلك لأنه على هذا الموقف الوطني والاخلاقي يتوقف مصير القضية الفلسطينية.                               
                الحاج رفعت شناعة
                                                       عضو المجلس الثوري
                                      8/6/2018

مشاركة التدوينة :

مقالات

التعليقات الخاصة بالموضوع :

0 التعليقات :