بسم الله الرحمن الرحيم (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) صدق الله العظيم.
يا جماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات
يا أهلنا الصامدين المقاومين للاحتلال الصّهيوني الغاشم
يا كلَّ أحرار العالم.. يا شرفاء الأُمّة.. يا مَن انتفضتُم من أجل القدس...
يا أهلنا الصامدين المقاومين للاحتلال الصّهيوني الغاشم
يا كلَّ أحرار العالم.. يا شرفاء الأُمّة.. يا مَن انتفضتُم من أجل القدس...
في 1/1/1965 انطلقت ثورة الشعب الفلسطيني الرائدة، وأدَّت من خلال مسيرتها الوطنية، وكفاحها الشعبي، وعملياتها العسكرية دوراً مميّزاً في مسيرة حركة التحرّر الوطنية، وبمسيرتها أسَّست البنية القادرة على تحمُّل أعباء الثورة الفلسطينية المعاصرة، والتي لم تتوقّف رغم المحطّات الصعبة والمعقَّدة، ومحاولات التصفية.
استطاعت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وهي القيادة التاريخية التي تعاطت مع أَعقَد وأخطر المحطات، وتمكنت من استيعاب التحولات السياسية، ومراحل النهوض الشعبي المقاوم ضد العدو الإسرائيلي، وتشكيل الإطار الوطني وتنظيمه، ليتحمَّل مسؤولياته الجِسام بوجه التحديات، ليس فقط العسكرية، وإنَّما أيضًا التنظيمية والفكرية، والسياسية.
واستطاعت قيادة حركة "فتح" المؤسسة أن تُحدّد الأُسس الصلبة والإستراتيجية لهذه الحركة، بعد حوارات معمّقة بين أعضاء القيادة المؤسسة، التي خاضت تجارب طويلة من خلال وجودها في الأحزاب العربية، سواء كانت اليسارية، أو القومية، أو الإسلامية، وميّزوا بين نقاط القوة، ونقاط الضعف التي عاشوها. ولعلَّ القناعة الأهم التي تركّزت في أذهانهم، هي أنَّ صراعنا كشعب فلسطيني هو مع العدو الصهيوني الذي ارتكب جريمة بحقّ شعبنا، وتشريده من أرضه، ومنعه من العودة إلى الأراضي التي هُجِّر منها، وبالتالي فإنّ الصراع يجب أن يكون بين الشعب الفلسطيني بكل أحزابه، وقواه، وطوائفه ضد الاحتلال الصهيوني، وليس من مصلحتنا أن نفتح جبهات الصراع مع أطراف أُخرى.
إنَّ هذا المنطلق الوطني بعيداً عن الصراعات الإيديولوجية، والقومية، والحزبية، والحفاظ على التوجُّه الأساس، هو الذي ميَّز حركة "فتح" عن غيرها من الفصائل، واستطاعت استقطاب العدد الأكبر من أبناء الشعب الفلسطيني، وأيضاً العربي، ولذلك أصبحت حركة الجماهير الفلسطينية، وأبناء الشعب الفلسطيني غير المنظّمين في الفصائل الفلسطينية تعتبرهم حركة "فتح" أعضاء في تنظيمها، وطبَّقت قاعدة (إنَّ حركة "فتح" تنظيم مَن ليس له تنظيم).
إنَّ حركة "فتح" الرائدة التي تأسَّست في العام 1957 على أيدي نخبة مجرِّبة أمثال الشهداء ياسر عرفات، وخليل الوزير، وعبدالفتاح حمود، وعادل عبدالكريم، ثُمَّ انضمّ إليهم في الفترة ذاتها المزيد من القادة المؤسسين أمثال خالد الحسن، ومحمود عبّاس، وصلاح خلف، وأبو اللطف، وسليم الزعنون (أبو الأديب)، أبو علي إياد، أبو صبري صيدم، أبو يوسف النجار، كمال عدوان، محمود مسودة، هايل عبد الحميد، أبو ماهر غنيم، هاني الحسن، ماجد ابو شرار.
لقد نجح هؤلاء الاخوة القادة في ترسيخ المفاهيم الأساسية التي تخدمُ أهدافنا النضالية، وتعزّزُ تنظيمنا الفتحاوي، وتضمنُ سلامة مسيرتنا الوطنية، فكان التركيز منذ البداية على الوحدة الوطنية الفلسطينية، والانتماء للشعب الفلسطيني، فهو البيئة الحاضنة لهذه الثورة، والعمل على استعادة الهوية الوطنية، وتجسيد الكيان الوطني الفلسطيني على أرضنا الجغرافية، واستمرار الكفاح حتى يصبح هذا الكيان دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
إنَّ حركة فتح التي قادت "م.ت.ف" بشخص الرئيس الرمز ياسر عرفات استطاعت أن تكون العمود الفقري للمنظمة، وأن تجسّد الشراكة السياسية، والتعددية، في اتخاذ القرارات، وعقد المؤتمرات الوطنية، وإجراء الانتخابات الدستورية. وبذلك، ورغم التناقضات والتحديات، حافظت على إطار "م.ت.ف" الممثّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، لأنَّ منظمة التحرير الفلسطينية هي البيت الفلسطيني الذي يحتضن مختلف القوى السياسية، والشعبية، والعسكرية، وهي المرجعية المعترَف بها من قبل الأمم المتحدة. ونظراً للدور المركزي الذي يجب أن تتحمله فإنَّ المطلوب تفعيل دورها، وتفعيل دوائرها كي تمارس دورها الميداني في الشتات لحماية المخيمات، وقضايا اللاجئين الجوهرية، ودعم انتفاضة شعبنا ومقاومته ضد الاحتلال الصهيوني.
ونحن نحتفل بذكرى الانطلاقة نؤكّد إصرارنا على حماية شعبنا، وحقوقه الوطنية، والتمسك بثوابتنا التي ناضلنا من أجل تحقيقها. كما نؤكّد ضرورة الاستمرار في حماية القرار الفلسطيني المستقل بعيداً عن التبعية، أو الاحتواء، أو الوصاية، وبالتالي فإنَّ رفض الهيمنة أو السيطرة على قرارنا ضمانة أساسية لاستعادة حقوقنا، ونيل حريتنا واستقلالنا.
وهنا يجدر بنا أن نتوقف أمام مجموعة من القضايا السياسية الجوهرية المطروحة في الساحة الفلسطينية، وامتداداتها في الساحة الإقليمية، والدولية:
أولاً: إنَّ المصالحة الوطنية الفلسطينية برأينا قضية جوهرية، وأساسية في صراعنا ضد الاحتلال الصهيوني. وهذه المصالحة حتى تصبح إنجازاً وطنياً لابد أن تقود إلى تجسيد الوحدة الوطنية الحقيقية، والتي هي جوهر الإستراتيجية الوطنية الفلسطينية التي ترسم خياراتنا المستقبلية، وسُبُلَ انتزاع حقوقنا الوطنية، وتحديد أدوات وأساليب نضالنا الكفيلة بتحقيق ثوابتنا الوطنية. ومن هذا المنطلق فإنَّ المصالحة ليست لعبة تكتيكيّة، ولا صراعاً على المحاصصة. فالواقع أكبر، وأعظم، وأشرف من ذلك، لأنّ الوحدة الوطنية تقرر مصير الشعبِ بأكمله، وتحول دون تمكُّن العدو من اختراق الصف الفلسطيني .
ثانياً: إنَّ اتفاق أوسلو انتهت فعاليته كاتفاق تعاقدي بين الطرفين الفلسطيني "م.ت.ف"، والصهيوني في العام 1999، وما يُلغي الاتفاق هو عدم التقيُّد بمضمونه من قبل الاحتلال. ثُمّ حلول الأجل المحدَّد له. كما أنّه تمّت تجاوزات خطيرة تدعو إلى فسخ الاتفاق، وأهمها الاستيطان، لأنَّ المحتل مارس الاستيطان وهذا غير مسموح به، لأنه يعطِّل حلَّ الدولتين. فالاحتلال بممارساته أنهى كل اتفاق أوسلو، ولكنه لم يعلن ذلك.
الجانب الفلسطيني يريد فك الاتفاق، لكنَّ المهم ما هي الخطوة المطلوب اتخاذها في اليوم التالي لحماية المجتمع الفلسطيني، وحتى لا تدبّ فيه الفوضى، خاصة أن المصالحة لم تتحقق بعد كي نضمن مواقف سياسية موحَّدة لكل الفصائل والأطراف، تحدد كيف ستتعاطى مع الاحتلال، ومع باقي الأطراف الدولية، وما هي البرامج المشتركة التي سنعتمدها في مقاومتنا للاحتلال. وبشكل واضح إن اتفاق أوسلو لم يعد يصلح ليكون إطاراً لعملية التسوية، لأن الاحتلال فككه ولم يلتزم به. ونحن اليوم وبعد الاستيطان، والتهويد، والعدوان الترامبي على الدولة الفلسطينية أصبحنا في عهد الانتفاضة والمقاومة الشعبية، ولسنا في عهد أوسلو.
ثالثاً: إنَّ الهدف من الدعوة لانعقاد المجلس المركزي قبل منتصف شهر كانون الثاني 2018، إنَّما هو تحقيق التوافق بين كافة مكونات "م.ت.ف" على القضايا الجوهرية والأساسية، المتعلقة بالإستراتيجية الوطنية الفلسطينية المستقبلية، واتخاذ القرارات الجوهرية التي تؤكّد الشراكة السياسية، والخطط والبرامج والآليات، التي يجب استخدامها في مقاومة الاحتلال، واستعادة القدس عاصمةً لدولة فلسطين المستقلة ذات السيادة.
رابعاً: تمَّ الاتفاق على إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية (سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني) بين قيادة "م.ت.ف"، والكيان الصهيوني، وجاء الاتفاق منسجمًا إلى حدٍّ كبير مع برنامج النقاط العشر، الذي أقرّته الدورة الثانية عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني العام 1974، وذلك وفق اتفاق إعلان المبادئ الموقَّع في واشنطن في 13/9/93. وقد تمَّ التنفيذ العملي للاتفاق (غزة – أريحا أولاً) العام 1994. والسلطة الوطنية الفلسطينية هي وسيلة للوصول إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، ثم تُناقَش قضايا الحل النهائي للاجئين، والاستيطان، والقدس، والمياه والحدود، ثُمَّ ينتهي دور السلطة الوطنية في العام 1999، مع قيام الدولة الفلسطينية ذات السيادة، وهذا ما نسفه الاحتلال وعطَّل الاتفاق. إنَّ انتهاء دور السلطة الوطنية تقرّره القيادة الفلسطينية، بناء على مجمل تطورات الوضع الفلسطيني، والسلطة ليست من الثوابت الوطنية المقدسة. وعندما تُعفَى السلطة من دورها، يتم اختيار الإطار الجديد الذي سيتحمَّل مسؤولية معالجة الأوضاع الإدارية والمعيشية، والخدماتية، والاقتصادية، والصحية، وهذا الاختيار تحدده قيادة "م.ت.ف". فهل هذه القيادة السياسية ستكلّف اللجنة التنفيذية للمنظمة للقيام بهذا الدور تحت الاحتلال أو أنه سيتم تشكيل حكومة وحدة وطنية تدير الشؤون الفلسطينية، بما في ذلك مقاومة الاحتلال بناء على الإستراتيجية المتَّفق عليها
خامساً: لقد ارتكب الرئيس الأميركي دونالد ترامب جريمة حقيقية ضد الشعب الفلسطيني، وضد العدالة الدولية، وذلك عندما اعترف بأنّ القدس الموحَّدة هي عاصمة الكيان الصهيوني، وأنه سيعطي تعليماته بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وبذلك يؤكّد أنّه حليف استراتيجي للاحتلال الصهيوني، وأنَّ واشنطن في خدمة الأهداف الإسرائيلية، وعملياً هو شجَّع الاحتلال الإسرائيلي على أن يبطش بالشعب الفلسطيني، ويُنكِّل بأبناء فلسطين قتلاً، وتدميراً، وقمعاً، وتجريداً من الحقوق المشروعة، واستيطاناً، وتهويداً. وبذلك يكون ترامب قد غادر بشكل كامل مربَّع دور رعاية التسوية السياسية بين الطرفين، وفقدَ نتيجة ذلك الأهلية والمصداقية للعب دور الراعي للسلام. وهذا ما جعل القيادة الفلسطينية وعلى رأسها سيادة الرئيس محمود عبّاس، أن يعطي تعليماتٍ واضحةً بإجراء اتصالاتٍ مكثَّفةٍ مع روسيا، والصين، وفرنسا ودول أخرى، كي تقوم هذه الدول بتشكيل إطار دولي، لمتابعة عملية السلام بعد فشل الولايات المتحدة، وانحيازها الكامل إلى الاحتلال الصهيوني، وسلوكها هذا أثار استغراباً دولياً، وأوجد صراعاً سياسياً داخل الولايات المتحدة نفسها، التي بدأت تشعر بمخاطر مواقف ترامب السياسية وانعكاساتها على علاقات الولايات المتحدة مع العالم.
سادساً: إنَّ المواقف الأميركية العنصرية، والمعادية للشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة، والتي استهدفت القدس الشريف الذي يضمُّ المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتضمُّ أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، وحائط البراق، وكنيسة القيامة، وكنيسة المهد في بيت لحم، وعشرات الكنائس والمساجد في مدينة القدس. كلُّ هذا جعل الشعب الفلسطيني، وقيادته الوطنية تتمرَّد على الواقع الذي كان سائداً ومدعوماً من الولايات المتحدة، وأخذت القيادة الفلسطينية موقفاً صلباً باتهام ترامب أنّه ارتكب عدواناً على الشعب الفلسطيني وحقوقه العادلة، وأن القيادة الفلسطينية أوقفت التعامل معه، ومع فريقه الصهيوني، وترفض استقبال أيِّ مندوب أميركي.
لقد تركَّز الجهد السياسي الفلسطيني باتجاه تحريك المجتمع الدولي لنصرة القدس، ومناصرة الشعب الفلسطيني في معركته السياسية ضد ترامب. وقد نجحت الجهود الفلسطينية بدعوة القمة الإسلامية في اسطنبول، والدعوة لانعقاد القمة العربية، كما أنَّ دول عدم الانحياز كان لها موقف مميَّز، وكثير من الدول الأوروبية سجَّلت مواقف متقدمة، لصالحنا، وهي تتبلور يوماً بعد يوم.
ولا ننسى المسيرات والاعتصامات والوقفات التضامنية المكثَّفة التي عمَّت الكرة الأرضية، وهتفت لفلسطين، والقدس وأقصاها، ورفضت قرار ترامب الجائر بالاعتراف بأنّ القدس عاصمة إسرائيل، وهذه كانت جريمة العصر السياسية.
إنّ القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس أبو مازن الذي يدير الصراع ضد الاحتلال بحنكة سياسية، وخبرة واسعة، وحرص كبير على الشعب الفلسطيني وخياراته الوطنية، قد التزم بتصعيد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الصهيوني الذي دمَّر كل الاتفاقات السابقة، وهو اليوم إلى جانب تصاعد الانتفاضة الشعبية، ومقاومة الاحتلال الصهيوني، وبشكل مبرمج لضمان الاستمرار والتصعيد ميدانياً، فإنه أيضًا يخوض المعركة الدبلوماسية والقانونية، والسياسية في الأمم المتحدة، وكلِّ المحافل الدولية للحصول على الاعتراف الكامل بدولة فلسطين تحت الاحتلال، وعاصمتها القدس على حدود 4/6/1967. وأيضاً، الحصول على قرار من الأمم المتحدة بحماية الشعب الفلسطيني، واستخدام القوة العسكرية تحت البند السابع.
رغم الظروف الصعبة التي نعيشها إلاَّ أن غالبية دول العالم قررت أن تصوِّت إلى جانب فلسطين وعاصمتها القدس (مئة وتسع وعشرون دولة) بينما الدول التي صوَّتت إلى جانب ترامب تحت التهديدات والإنذارات هي تسع دول فقط.
إنَّ هذا الاستفتاء الدولي يشكِّل صفعة قوية لترامب ومشاريعه الصهيونية. لكنه في الوقت ذاته يشكِّل دافعاً لنا كي نواصل كفاحنا، ونُفعِّل ونُصعِّد انتفاضتنا ضد الاحتلال الصهيوني، وجيشه النازي.
سابعاً: ونحن نعيش أجواء الانتفاضة الشعبية، والحراك الجماهيري الواسع في كل أرجاء العالم، يجدر بنا نحن كقيادة في لبنان أن نولي الاهتمام الجاد لأوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، ووضع الضوابط التي تحول دون الانفلات الأمني، وتنفيذ القرارات المتفق عليها بين مختلف الفصائل واللجان الشعبية والأمنية، وفعاليات المخيم. لأنّه وأمام التضحيات الجسيمة التي يقدمها شعبنا في الضفة الغربية، وفي قطاع غزة، وفي القدس تحديداً أصبح معيباً، ومحرَّماً الدخول في المتاهات، أو العبث من قبل بعض الخارجين على القانون بأمن المخيمات، وضرب الاستقرار. وهذا بالطبع يتطلّب التنسيق المتواصل مع المراجع الأمنية، وقيادة الجيش، والمراجع السياسة اللبنانية، والدينية، وجميع هؤلاء حريصون على الشعب الفلسطيني، وعلى أمن المخيمات، وهم يقفون بصلابة إلى جانب قضايانا العادلة، خاصة انتفاضتنا الحالية ضد قرار ترامب الجائر.
إنَّ قيادة حركة "فتح" التي تتلمذت وترعرعت في مدرسة ياسر عرفات قادرة على مواجهة التحديات، ولديها رصيد هائل من التراث النضالي، ومن قوافل الشهداء، ومن التجارب التاريخية، وليس أمامنا كحركة فتح سوى تهيئة، وتدريب، وحشد الأجيال في كل الأراضي الفلسطينية، والاستقواء بالمواقف البطولية التي رسَّخها وخلَّدها الشهيد إبراهيم أبو ثريا، وفارس عودة، ومحمد الدرة، وزياد أبو عين، ومحمد حسين أبو خضير، ورمز التحدي الفتاة عهد التميمي.
ثامناً: إنَّ شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات، وأمام الواقع الدولي، والإسلامي والعربي يتساءَل: أين نحن ذاهبون؟ وعلى ماذا نراهن؟ وما هو المتوقع من الشعوب الأخرى؟ وهل ستبقى الجمعية العمومية على وفائها لفلسطين؟ وهل تستطيع القدس أن تتجاوز الخطوط الحمر كلها، وتفرض نفسها كأولوية في مقدمة سائر الأولويات المطروحة؟
لا شكَّ أن الواقع الذي نعيشه كفلسطينيين يفرض علينا أمام التساؤلات المطروحة أن نعتمد مسار التحدي والعنفوان الوطني، وأن نختار الاستمرار في صراع الإرادات، والقناعات، وتعميق المواجهات وتفعيلها بين جموع المنتفضين وجنود الاحتلال. وأن نجعل ساحات القدس، وأسواقها، وشوارعها منبراً لمخاطبة شعوب العالم، وشوارع وساحات محافظات الضفة مسرحاً لعرض حلقات المواجهة، بين شعب يتسلَّح بحجارة فلسطين المباركة، والعصابات الصهيونية المتسلحة برصاص الغدر والحقد، وقتل الأطفال والنساء لأنهم فقط من الفلسطينيين. الجميع ينظر إلى هذا الفلسطيني المشرد والمنكوب منذ سبعين عاماً، وهو يتألق في سماء البطولة، ودمه ينزف، وجسده تمزّقه الشظايا، لكنه منتصب القامة، والعنفوان يملأ قلبه.
في ذكرى الانطلاقة الثالثة والخمسين فإنَّنا في قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، ومن لبنان نوجِّه تحية إكبار إلى شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات، ونقول لأهلنا في كل فلسطين التاريخية، أنتم لستم وحدكم، فنحن إلى جانبكم، ونحييكم لأنّكم اليوم في الخندق الأول بجوار الأقصى، تدافعون عن كرامة أمتنا وشعبنا، ومقدساتنا.
كما نُحَيي كلَّ الشعوب والدول التي أصرت على نصرتنا ورفضت ابتزاز ترامب لهم، وتمسكت بالقدس وأقصاها.
التحية إلى أهالي الشهداء الأبطال، وخاصة شهداء الانتفاضة الشعبية انتفاضة القدس، وهم من يدفعون ثمن الحرية والاستقلال.
التحية إلى الأسر في المعتقلات والزنازين، والذين بثباتهم وصمودهم يؤكدون للاحتلال الصهيوني، بأنَّنا أصحاب الأرض المباركة، وإنَّنا متجذِّرون في أرضنا مهما طال الزمن.
التحية إلى الجرحى ونتمنى لهم الشفاء العاجل كي يعودوا إلى ساحات المواجهة البطولية.
وإنَّها لثورة حتى النّصر المؤكّد
حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" - لبنان
حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" - لبنان
التعليقات الخاصة بالموضوع :
0 التعليقات :