لن نقبل بالولايات المتحدة وسيطاً في عملية السلام ولن نقبل بأية خطة منها لانها اختارت الانحياز للجانب الاسرائيلي
ندعو للإنصات للأصوات الحقيقية للمسيحيين الأصليين في هذه الأرض المقدسة التي رفضت بشدة اعلان ترمب
القدس عاصمة فلسطين/
رام الله 22-12-2017 قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس، إننا لن نقبل
بالولايات المتحدة وسيطاً في عملية السلام ولن نقبل بأية خطة من الجانب
الأميركي، لان الولايات المتحدة اختارت الانحياز إلى الجانب الإسرائيلي،
وبالتالي فإن خطتها المستقبلية لن تستند إلى حل الدولتين على حدود 1967،
كما أنها لن تستند إلى القانون الدولي أو قرارات الأمم المتحدة.
واضاف سيادته في رسالته
لمناسبة عيد الميلاد المجيد، اننا سنواصل طريقنا نحو تحقيق الحرية
والاستقلال، مستمدين الهامنا من رسالة السيد المسيح الذي رفض الظلم ونشر
الأمل.
ودعا سيادته جميع
المسيحيين في العالم، للإنصات إلى الأصوات الحقيقية للمسيحيين الأصليين في
هذه الأرض المقدسة، تلك الأصوات المحصنة بالوحدة المسيحية الاسلامية التي
رفضت بشدة اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل من خلال رؤساء
الكنائس. أولئك هم سلالة أتباع السيد المسيح الأولون وهم جزء لا يتجزأ من
شعبنا الفلسطيني، فلن يكون هناك مجتمع فلسطيني نابض بالحياة دون مكونه
المسيحي.
وفيما يلي نص رسالة الرئيس بمناسبة عيد الميلاد المجيد:
في مثل هذا الوقت من كل
عام، تتجه أنظار المليارات من البشر إلى مدينة بيت لحم للاحتفال بميلاد
سيدنا عيسى المسيح عليه السلام، رسول المحبة والسلام والعدالة. فمنذ أكثر
من 2000 عام، أرسل السيد المسيح رسالته من مذوده المتواضع في بيت لحم،
وإننا فخورون بأن هذا التقليد النفيس يعدّ جزءاً لا يتجزأ من تراث فلسطين،
وأن الفلسطينيين في جميع أنحاء العالم يشعرون بالاعتزاز والإلهام لانحدارهم
من أرض الرسائل السماوية والأنبياء والقديسين.
يصادف
الاحتفال بعيد الميلاد هذا العام مرور 50 عاماً على الاحتلال الإسرائيلي.
وبحلول عيد الفصح القادم سيحيي أبناء شعبنا أيضا مرور 70 عاماً على النكبة
التي أدت الى طرده وتشريده. وما يزال واقع الاحتلال والتشريد يطال أكثر من
12 مليون فلسطيني يعيشون في جميع أنحاء العالم. فالكثير منهم هم من
المسيحيين الأصليين المنتشرين في كل أنحاء العالم، ولكنهم، مثل بقية أبناء
شعبنا، حُرموا من العيش في الأرض المقدسة، كما حرموا من حقهم في العبادة
فقط لأن إسرائيل تعتبرهم "تهديداً ديمغرافياً".
تحاصر مدينة بيت لحم
حالياً 18 مستوطنة استعمارية غير قانونية تتوسع باستمرار على حساب الأراضي
الفلسطينية، وقد تم بناء جدار الضم والتوسع، جدار العار والفصل العنصري،
في قلب المدينة ويمتد نحو وادي كريمزان تاركاً آثاره على حياة عشرات
العائلات الفلسطينية، وخاصة المسيحيين. ولا تزال بيت لحم التي تشكل منبع
ميلاد الأمل، تتأثر بشكل كبير بخطط الاحتلال الإسرائيلي لفرض مشروع "القدس
الكبرى" على حساب معاناة أبناء شعبنا الفلسطيني.
ومما يدعو للأسف، أن
الولايات المتحدة قد قررت عدم الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي من
خلال مكافأة هذه السياسات الاسرائيلية غير القانونية عبر الاعتراف بالقدس
عاصمة لإسرائيل. لقد شكل هذا القرار الأميركي إهانة للملايين في جميع أنحاء
العالم، ولمدينة بيت لحم أيضاً. وقد شجع قرار واشنطن على الفصل غير
القانوني بين مدينتي القدس وبيت لحم المقدستين واللتين تنفصلان اليوم للمرة
الاولى منذ نشأة المسيحية قبل أكثر من 2000 عام.
وكذلك، قررت الولايات
المتحدة دعم مزاعم إسرائيل وادعاءاتها باعتبار القدس "عاصمة يهودية"، بدلاً
من احترام مكانة المدينة للديانات السماوية الثلاث. وتجاهلت الولايات
المتحدة ايضا أن القدس الشرقية هي جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين المحتلة،
وأن تلك المدينة المحتلة تتعرض فيها ممتلكات الكنيسة ومستقبلها للتهديد من
قبل سلطات الاحتلال والمجموعات الصهيونية الأصولية، كما حصل في فضيحة
الاستيلاء على ممتلكات باب الخليل.
وبسبب
هذا القرار الأميركي القائم على دعم الانتهاكات الاسرائيلية الصارخة وغير
القانونية لحقوقنا فإننا لن نقبل بالولايات المتحدة وسيطاً في عملية السلام
ولن نقبل بأية خطة من الجانب الأميركي. لقد اختارت الولايات المتحدة
الانحياز إلى الجانب الإسرائيلي، وبالتالي فإن خطتها المستقبلية لن تستند
إلى حل الدولتين على حدود 1967، كما أنها لن تستند إلى القانون الدولي أو
قرارات الأمم المتحدة.
وحيث
أن الإدارة الأميركية قررت أيضاً مكافأة المتجبر وتهديد كل من لا يؤيدها،
فسنواصل نحن طريقنا نحو تحقيق الحرية والاستقلال، مستمدين الهامنا من رسالة
السيد المسيح الذي رفض الظلم ونشر الأمل. يقول الكتاب المقدس "طوبى للجياع
والعطاش الى البِرّ لانهم يشبعون". إن التهديدات الموجهة ضد أولئك اللذين
يناصرون العدالة سوف تجابه بذات الروح والاستجابة من قبل شعبنا ومن قبل
الملايين من الشعوب التي تتحلى بالكرامة في جميع أنحاء العالم. إن صمود
شعبنا الفخور هو ترجمة حقيقية لما ورد في الكتاب المقدس "ليس بالخبز وحده
يحيا الانسان."
وفي
عيد الميلاد لهذا العام، أود أن أعرب مجدداً عن تقديري لعمل الكنائس
المحلية في فلسطين التي ملأت هذه الأرض ليس بكلمات الأمل والقديسين فحسب،
مثل الأخوات مريم بواردي وماري ألفونسين غطاس، بل أيضا بالمؤسسات التي تخدم
جميع أبنائنا الفلسطينيين بغض النظر عن دينهم.
وندعو
جميع المسيحيين في العالم للإنصات إلى الأصوات الحقيقية للمسيحيين
الأصليين في هذه الأرض المقدسة، تلك الأصوات المحصنة بالوحدة المسيحية
الاسلامية التي رفضت بشدة اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل
من خلال رؤساء الكنائس. أولئك هم سلالة أتباع السيد المسيح الأولون وهم جزء
لا يتجزأ من شعبنا الفلسطيني، فلن يكون هناك مجتمع فلسطيني نابض بالحياة
دون مكونه المسيحي. ولا بد لنا أن نستذكر في هذا المقام المساهمات العظيمة
التي قدمها أبناء شعبنا المسيحيين للحركة الوطنية الفلسطينية والتي تستحق
كل التقدير، وتشكل مثالاً للمنطقة بأسرها، ولا يمكن أن يكتمل العالم العربي
دون الوجود المسيحي المتأصل في مجتمعاته.
سنقوم
بمواصلة العمل من أجل نيل حريتنا وعودة شعبنا الى أرضه، وسنواصل العمل من
أجل احقاق حقوقنا وإنهاء الاحتلال الاستعماري غير القانوني، وسوف نسعى
لتشجيع إعادة توحيد كنيستي القيامة وكنيسة المهد مرة أخرى. كما سنواصل
العمل مع المملكة الأردنية الهاشمية للحفاظ على الوضع الراهن في المسجد
الأقصى وجميع أماكننا المقدسة المسيحية والاسلامية. وسنواصل العمل دون كلل
أو ملل من أجل تحقيق العدالة.
دعونا ننقذ رسالة الأمل
التي ظهرت من مغارة متواضعة في بيت لحم من أجل مستقبل أفضل، تنتصر فيه
الحرية على القمع، وتسود فيه الحقيقة على الطغيان وجبروت القوة، ويطغى فيه
السلام والعدل والتعايش على الاحتلال والفصل العنصري والاستحواذ، وتوجه فيه
الطاقات للبناء لا للدمار.
"المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة"
أتمنى لجميع أبناء شعبنا عيد ميلاد مجيد ورأس سنة سعيدة، وكل عام وأنتم بخير.
التعليقات الخاصة بالموضوع :
0 التعليقات :