فجأة، وفي احصاء لبناني رسمي غير مسبوق، ينخفض عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، من 480 ألف لاجىء، الرقم المعتمد لدى «الانروا» وتتعامل على اساسه منظمات دولية، اضافة الى التقديرات الموضوعة لدى قيادات الفصائل الفلسطينية، وربما دوائر السلطة الفلسطينية في رام الله، الى 174 ألفا و422 لاجئا، وهو رقم فاجأ الاوساط الفلسطينية التي تعامل بعضها مع الاحصاء بكثير من التشكيك والتهكم والسخرية... وصولا الى اطلاق المزاح.
منذ بداية الوجود الفلسطيني في لبنان، على اثر النكبة عام 1948 مع بداية انشاء الكيان الاسرائيلي على ارض فلسطين، واللاجئون الفلسطينيون يتكبدون معاناة انسانية واجتماعية وسياسية، بالتزامن مع ما يتلمسه الفلسطينيون من تآمر دولي على قضيتهم، والسعي المستمر لتذويب المجتمعات الفلسطينية في الشتات داخل البلدان التي يقيمون فيها، ومنها لبنان الذي «يستضيف» اكبر كتل للاجئين الذين يعيشون في ظروف مأساوية، وحرمانا مزمنا طال حق العمل وتملك مسكن، وتنعدم معه مقومات الحد الادنى للعيش الكريم، حتى جاء الاحصاء «الصادم» الذي جرى برعاية حكومية، وبتمويل من جهات دولية، ليطرح علامات استفهام كبيرة وكثيرة ارتسمت حوله، حول تعداد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين داخل المخيمات المعترف بها من قبل وكالة غوث تشغيل اللاجئين «الانروا»، وهي هيئة تابعة للامم المتحدة ومكلفة رعاية شؤون اللاجئين الفلسطينيين، منذ العام 1949، اي بعد عام على وصول اول دفعة لجأت من فلسطين الى لبنان، وفي تجمعات تنتشر على امتداد المناطق اللبنانية، سيما وان العدد الاجمالي الذي جاء حصيلة عمليات ميدانية للاحصاء جاء صادما لكل المعطيات والتقديرات المتداولة والمعتمدة لدى جهات دولية، ومنها وكالة «الانروا» المكلفة من الامم المتحدة رعاية الفلسطينيين الذين شردهم الاغتصاب الصهيوني لفلسطين.
وتلفت اوساط قيادية فلسطينية متابعة لعمل اللجان الشعبية في المخيمات، وهي على تماس مع الحياة اليومية للمخيم، الى ان الكثير من العائلات الفلسطينية رفضت التجاوب مع عمليات الاحصاء لاعتبارات كثيرة، وما جرى عملية منقوصة لا يمكن وصفها بـ «ألاحصاء الشامل والنهائي» لتعداد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، وتتساءل عن الغاية من طرح ملف الوجود الفلسطيني في لبنان، من بوابة عدد اللاجئين، وتضيف... اذا كان التشكيك بالارقام التي خرجت عن الاحصاء غير مرغوب به، فوفق اي معطيات وارقام سيتم التعاطي مع الاحصاءات الرسمية لدى وكالة «الانروا» الموجودة داخل المجتمع الفلسطيني في المخيمات، والخدمات التربوية والصحية والاجتماعية التي تقدمها، وان كانت تقلصت في السنوات العشر الاخيرة، جعلتها على تماس مباشر مع اللاجئين الفلسطينيين، وهي تسجل الوفيات والولادات وتمنح الاعاشات الحياتية للعائلات الفلسطينية وتعتمد سجلات توثق فيها كل تغيير او تعديل يطرأ على اللاجئين الفلسطينيين، فالرقم الموجود في السجلات الخاصة لوكالة «الانروا»، وفي آخر تحديث، يقترب من النصف مليون فلسطيني يقيم في لبنان، علما ان الوكالة الدولية لا تعترف باللاجئين الفلسطينيين الذين دخلوا الى لبنان، في اعقاب حرب العام 1967، وهي تعتبر وجود هذه الفئة من الفلسطينيين غير شرعي!، ولا تُدخلهم ضمن احصائياتها الرسمية، ولا يستفيدون من اي تقديمات اجتماعية او رعاية صحية او تربوية.
وبرأي الاوساط نفسها، فان اي احصاء تُمسِك به ايد رسمية، لبنانية كانت ام فلسطينية، سيكون خاضعا لاعتبارات سياسية بالدرجة الاولى، يليها اعتبارات طائفية او مذهبية، واشراف «لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني» التي ضمت في مراحل سابقة وزراء الحكومة اللبنانية، وان قيل ان الاحصاء هو أداة ضرورية لتحسين ظروف عيش اللاجئين!، وتحسين الوعي باحتياجاتهم»!، فاللاجئون الفلسطينيون يتخوفون مما قد يحمله الاحصاء من تداعيات، حيث يرى فيه البعض، بمثابة دعوة للامم المتحدة للتعامل مع هذا الرقم دون غيره، ما يوفر الامكانية لدى «الانروا» للمضي في سياساتها بتقليص الخدمات التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين، وصولا الى وقفها بالكامل كمقدمة للتخلص من هيئة دولية تتبع للامم المتحدة ، تتولى الاشراف على اللاجئين الفلسطينيين في دول الشتات ومنها لبنان وترعاه صحيا واجتماعيا وتربويا، وهذا الامر يشكل طموحا اسرائيليا، لكونه يسهم في التسويق مجددا لتوطين اللاجئين في الدول التي يقيمون فيها، فاداء وكالة «الانروا» في مجال الخدمات التربوية والصحية والاجتماعية في المخيمات، كان على مدار السنوات الماضية عنوانا لمسلسل من الاحتجاجات الفلسطينية، بعد انخفاض مريع في حجم التقديمات، في ظل مخاوف فلسطينية من الوصول الى تخل كامل عن واجباتها، وهو امر يُنذر بما يخطط له اللاعبون في ملف القضية الفلسطينية من شطب باي حق لعودة اللاجئين من دول الشتات، ومنها لبنان، الى وطنهم، خاصة وان المنطقة ما تزال تعيش مخاضا عسيرا، بعد الخطوة الاميركية العدوانية على الشعب الفلسطيني، باعتبار القدس عاصمة للكيان الاسرائيلي.
وفي السياق، لا يغيب عن بال اللاجئين الفلسطينيين، كيف رفض الاسرائيليون، وفي كل المفاوضات والاتفاقات والمعاهدات التي اجراها الجانب الفلسطيني مع الاسرائيليين، الحديث عن حق عودة اللاجئين، ورحَّلوا الملف الى ما يسمونه «الحل النهائي»، وكيف اهملت الامم المتحدة قراراتها المتعلقة في هذا الحق... واذا كانوا اليوم يحاولون تمرير تهويد القدس كعاصمة للدولة اليهودية، من دون الالتفات الى ارادة المجتمع الدولي في الامم المتحدة الذي رفض القرار الاميركي بالاجماع، فكيف هي الحال مع اي خطوة اميركية ـ اسرائيلية، وبمباركة عربية، لشطب نهائي لعودة اللاجئين الفلسطينيين؟
متدنيةٌ نسبة اللاجئين الفلسطينيين الذين هاجروا من المخيمات الى دول في الخارج، وهي هجرة بقيت تقتصر على العشرات الذين نجحوا في «انتحال» صفة نازح سوري، واندسوا مع النازحين السوريين باتجاه اوروبا، وبطريقة غير شرعية، بالمقابل، فان بضعة آلاف من اللاجئين الفلسطينيين نزحوا من مخيمات سوريا الى لبنان، منذ اندلاع حروب «الربيع العربي»، واندمجوا مع المقيمين في المخيمات وفي التجمعات الفلسطينية القائمة، من دون افق لعودتهم الى سوريا، بعد تدمير معظم المخيمات الفلسطينية في سوريا، بعد تغلغل التنظيمات الارهابية اليها، وبخاصة اكبرها مخيم اليرموك، وهؤلاء لم يشملهم احصاءات «الانروا» التي تمنعت عن منحهم الرعاية الاجتماعية والصحية والتربوية التي تقدمها عادة للاجئين الفلسطينيين المقيمين في المخيمات.
في لبنان، لا ارضية صلبة لمواجهة التوطين، طالما ان اطرافا سياسية نافذة في السلطة، ما تزال تتعامل مع ملف توطين الفلسطينيين على انه «فزَّاعة»، ولا مناعة لدى اللبنانيين امام الصراعات والحسابات الوافدة اليهم من الخارج، فالساحة التي ارادها البعض ان تكون «رخوة» اما المصالح الاقليمية والدولية، ما تزال الحسابات الطائفية والمذهبية فيها هي التي تتحكم بالارادة السياسية، ويعي كثيرون ان التوطين لا يمكن ان يُمَرَّر، الا اذا كان لبنان ضعيفا، وهذا «اللبنان» مستبعد وجوده، في ظل موازين قوى لغير صالح الفريق اللبناني المتحمس للتوطين ـ «الفزاعة»، في بلد تُحسب فيه ادق الحسابات المذهبية... حتى الحسابات الضيقة.
في حسابات اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في اكثر من 20 مخيما وتجمعا، في الجنوب والجبل والشمال والبقاع، تستند الى ان حق العودة يبقى الاساس، اكان عدد اللاجئين نصف مليون او خمسين الفا، طالما انهم رفعوا اسماء مدنهم وقراهم الفلسطينية التي تشردوا منها، على احياء المخيمات، وهم ما زالوا يتوارثون جيلا بعد جيل، رفع الصوت امام العالم للمطالبة بهذا الحق، بالرغم من ضيق العيش وانسداد الافق وفقدان الامل بوقوف العالم الى جانبه... وامام احصاء اللاجئين الفلسطينيين الذي قوبل بتساؤلات فيه من الريبة ما يكفي، ليُطرح التساؤل الاخطر... ماذا لو اقدمت السلطات اللبنانية الى اجراء احصاء لعدد النازحين السوريين، الذين يفوق عددهم المليون ونصف المليون نازح؟ماذا سيكون عددهم؟
«الأونروا» : نعمل في 12 مُخيّماً فيها 480 ألف لاجىء
جاء في نشرة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الانروا»، وان الوكالة تعمل في اثني عشر مخيما للاجئين الفلسطينيين تتوزع على النحو التالي: عين الحلوة، المية ومية، الرشيدية، برج الشمالي والبص في الجنوب، برج البراجنة، شاتيلا، مار الياس، ضبية ( في بيروت)، نهر البارد، البداوي (في الشمال)، «ويفل» (في بعلبك).
وان هناك اكثر من 483 ألفا من مجموع اللاجئين المسجلين لدى «الأونروا» في لبنان، والعديدون منهم يعيشون في المخيمات الإثني عشر الموجودة في البلاد، ويشكل اللاجئون الفلسطينيون ما نسبته عشر سكان لبنان الذي يعد حاليا دولة صغيرة مكتظة بالسكان.
ولا يتمتع اللاجئون الفلسطينيون في لبنان بحقوق مدنية أو اجتماعية، وعلاوة على ذلك، فهم لا يتمتعون أيضا بالحق في العمل في ما يزيد على 20 وظيفة. واللاجئون الفلسطينيون في لبنان ليسوا مواطنين رسميين لدولة أخرى، وهم بالتالي غير قادرين على اكتساب نفس الحقوق التي يتمتع بها الأجانب الذين يعيشون ويعملون في لبنان.
منذ بداية الوجود الفلسطيني في لبنان، على اثر النكبة عام 1948 مع بداية انشاء الكيان الاسرائيلي على ارض فلسطين، واللاجئون الفلسطينيون يتكبدون معاناة انسانية واجتماعية وسياسية، بالتزامن مع ما يتلمسه الفلسطينيون من تآمر دولي على قضيتهم، والسعي المستمر لتذويب المجتمعات الفلسطينية في الشتات داخل البلدان التي يقيمون فيها، ومنها لبنان الذي «يستضيف» اكبر كتل للاجئين الذين يعيشون في ظروف مأساوية، وحرمانا مزمنا طال حق العمل وتملك مسكن، وتنعدم معه مقومات الحد الادنى للعيش الكريم، حتى جاء الاحصاء «الصادم» الذي جرى برعاية حكومية، وبتمويل من جهات دولية، ليطرح علامات استفهام كبيرة وكثيرة ارتسمت حوله، حول تعداد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين داخل المخيمات المعترف بها من قبل وكالة غوث تشغيل اللاجئين «الانروا»، وهي هيئة تابعة للامم المتحدة ومكلفة رعاية شؤون اللاجئين الفلسطينيين، منذ العام 1949، اي بعد عام على وصول اول دفعة لجأت من فلسطين الى لبنان، وفي تجمعات تنتشر على امتداد المناطق اللبنانية، سيما وان العدد الاجمالي الذي جاء حصيلة عمليات ميدانية للاحصاء جاء صادما لكل المعطيات والتقديرات المتداولة والمعتمدة لدى جهات دولية، ومنها وكالة «الانروا» المكلفة من الامم المتحدة رعاية الفلسطينيين الذين شردهم الاغتصاب الصهيوني لفلسطين.
وتلفت اوساط قيادية فلسطينية متابعة لعمل اللجان الشعبية في المخيمات، وهي على تماس مع الحياة اليومية للمخيم، الى ان الكثير من العائلات الفلسطينية رفضت التجاوب مع عمليات الاحصاء لاعتبارات كثيرة، وما جرى عملية منقوصة لا يمكن وصفها بـ «ألاحصاء الشامل والنهائي» لتعداد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، وتتساءل عن الغاية من طرح ملف الوجود الفلسطيني في لبنان، من بوابة عدد اللاجئين، وتضيف... اذا كان التشكيك بالارقام التي خرجت عن الاحصاء غير مرغوب به، فوفق اي معطيات وارقام سيتم التعاطي مع الاحصاءات الرسمية لدى وكالة «الانروا» الموجودة داخل المجتمع الفلسطيني في المخيمات، والخدمات التربوية والصحية والاجتماعية التي تقدمها، وان كانت تقلصت في السنوات العشر الاخيرة، جعلتها على تماس مباشر مع اللاجئين الفلسطينيين، وهي تسجل الوفيات والولادات وتمنح الاعاشات الحياتية للعائلات الفلسطينية وتعتمد سجلات توثق فيها كل تغيير او تعديل يطرأ على اللاجئين الفلسطينيين، فالرقم الموجود في السجلات الخاصة لوكالة «الانروا»، وفي آخر تحديث، يقترب من النصف مليون فلسطيني يقيم في لبنان، علما ان الوكالة الدولية لا تعترف باللاجئين الفلسطينيين الذين دخلوا الى لبنان، في اعقاب حرب العام 1967، وهي تعتبر وجود هذه الفئة من الفلسطينيين غير شرعي!، ولا تُدخلهم ضمن احصائياتها الرسمية، ولا يستفيدون من اي تقديمات اجتماعية او رعاية صحية او تربوية.
وبرأي الاوساط نفسها، فان اي احصاء تُمسِك به ايد رسمية، لبنانية كانت ام فلسطينية، سيكون خاضعا لاعتبارات سياسية بالدرجة الاولى، يليها اعتبارات طائفية او مذهبية، واشراف «لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني» التي ضمت في مراحل سابقة وزراء الحكومة اللبنانية، وان قيل ان الاحصاء هو أداة ضرورية لتحسين ظروف عيش اللاجئين!، وتحسين الوعي باحتياجاتهم»!، فاللاجئون الفلسطينيون يتخوفون مما قد يحمله الاحصاء من تداعيات، حيث يرى فيه البعض، بمثابة دعوة للامم المتحدة للتعامل مع هذا الرقم دون غيره، ما يوفر الامكانية لدى «الانروا» للمضي في سياساتها بتقليص الخدمات التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين، وصولا الى وقفها بالكامل كمقدمة للتخلص من هيئة دولية تتبع للامم المتحدة ، تتولى الاشراف على اللاجئين الفلسطينيين في دول الشتات ومنها لبنان وترعاه صحيا واجتماعيا وتربويا، وهذا الامر يشكل طموحا اسرائيليا، لكونه يسهم في التسويق مجددا لتوطين اللاجئين في الدول التي يقيمون فيها، فاداء وكالة «الانروا» في مجال الخدمات التربوية والصحية والاجتماعية في المخيمات، كان على مدار السنوات الماضية عنوانا لمسلسل من الاحتجاجات الفلسطينية، بعد انخفاض مريع في حجم التقديمات، في ظل مخاوف فلسطينية من الوصول الى تخل كامل عن واجباتها، وهو امر يُنذر بما يخطط له اللاعبون في ملف القضية الفلسطينية من شطب باي حق لعودة اللاجئين من دول الشتات، ومنها لبنان، الى وطنهم، خاصة وان المنطقة ما تزال تعيش مخاضا عسيرا، بعد الخطوة الاميركية العدوانية على الشعب الفلسطيني، باعتبار القدس عاصمة للكيان الاسرائيلي.
وفي السياق، لا يغيب عن بال اللاجئين الفلسطينيين، كيف رفض الاسرائيليون، وفي كل المفاوضات والاتفاقات والمعاهدات التي اجراها الجانب الفلسطيني مع الاسرائيليين، الحديث عن حق عودة اللاجئين، ورحَّلوا الملف الى ما يسمونه «الحل النهائي»، وكيف اهملت الامم المتحدة قراراتها المتعلقة في هذا الحق... واذا كانوا اليوم يحاولون تمرير تهويد القدس كعاصمة للدولة اليهودية، من دون الالتفات الى ارادة المجتمع الدولي في الامم المتحدة الذي رفض القرار الاميركي بالاجماع، فكيف هي الحال مع اي خطوة اميركية ـ اسرائيلية، وبمباركة عربية، لشطب نهائي لعودة اللاجئين الفلسطينيين؟
متدنيةٌ نسبة اللاجئين الفلسطينيين الذين هاجروا من المخيمات الى دول في الخارج، وهي هجرة بقيت تقتصر على العشرات الذين نجحوا في «انتحال» صفة نازح سوري، واندسوا مع النازحين السوريين باتجاه اوروبا، وبطريقة غير شرعية، بالمقابل، فان بضعة آلاف من اللاجئين الفلسطينيين نزحوا من مخيمات سوريا الى لبنان، منذ اندلاع حروب «الربيع العربي»، واندمجوا مع المقيمين في المخيمات وفي التجمعات الفلسطينية القائمة، من دون افق لعودتهم الى سوريا، بعد تدمير معظم المخيمات الفلسطينية في سوريا، بعد تغلغل التنظيمات الارهابية اليها، وبخاصة اكبرها مخيم اليرموك، وهؤلاء لم يشملهم احصاءات «الانروا» التي تمنعت عن منحهم الرعاية الاجتماعية والصحية والتربوية التي تقدمها عادة للاجئين الفلسطينيين المقيمين في المخيمات.
في لبنان، لا ارضية صلبة لمواجهة التوطين، طالما ان اطرافا سياسية نافذة في السلطة، ما تزال تتعامل مع ملف توطين الفلسطينيين على انه «فزَّاعة»، ولا مناعة لدى اللبنانيين امام الصراعات والحسابات الوافدة اليهم من الخارج، فالساحة التي ارادها البعض ان تكون «رخوة» اما المصالح الاقليمية والدولية، ما تزال الحسابات الطائفية والمذهبية فيها هي التي تتحكم بالارادة السياسية، ويعي كثيرون ان التوطين لا يمكن ان يُمَرَّر، الا اذا كان لبنان ضعيفا، وهذا «اللبنان» مستبعد وجوده، في ظل موازين قوى لغير صالح الفريق اللبناني المتحمس للتوطين ـ «الفزاعة»، في بلد تُحسب فيه ادق الحسابات المذهبية... حتى الحسابات الضيقة.
في حسابات اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في اكثر من 20 مخيما وتجمعا، في الجنوب والجبل والشمال والبقاع، تستند الى ان حق العودة يبقى الاساس، اكان عدد اللاجئين نصف مليون او خمسين الفا، طالما انهم رفعوا اسماء مدنهم وقراهم الفلسطينية التي تشردوا منها، على احياء المخيمات، وهم ما زالوا يتوارثون جيلا بعد جيل، رفع الصوت امام العالم للمطالبة بهذا الحق، بالرغم من ضيق العيش وانسداد الافق وفقدان الامل بوقوف العالم الى جانبه... وامام احصاء اللاجئين الفلسطينيين الذي قوبل بتساؤلات فيه من الريبة ما يكفي، ليُطرح التساؤل الاخطر... ماذا لو اقدمت السلطات اللبنانية الى اجراء احصاء لعدد النازحين السوريين، الذين يفوق عددهم المليون ونصف المليون نازح؟ماذا سيكون عددهم؟
«الأونروا» : نعمل في 12 مُخيّماً فيها 480 ألف لاجىء
جاء في نشرة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الانروا»، وان الوكالة تعمل في اثني عشر مخيما للاجئين الفلسطينيين تتوزع على النحو التالي: عين الحلوة، المية ومية، الرشيدية، برج الشمالي والبص في الجنوب، برج البراجنة، شاتيلا، مار الياس، ضبية ( في بيروت)، نهر البارد، البداوي (في الشمال)، «ويفل» (في بعلبك).
وان هناك اكثر من 483 ألفا من مجموع اللاجئين المسجلين لدى «الأونروا» في لبنان، والعديدون منهم يعيشون في المخيمات الإثني عشر الموجودة في البلاد، ويشكل اللاجئون الفلسطينيون ما نسبته عشر سكان لبنان الذي يعد حاليا دولة صغيرة مكتظة بالسكان.
ولا يتمتع اللاجئون الفلسطينيون في لبنان بحقوق مدنية أو اجتماعية، وعلاوة على ذلك، فهم لا يتمتعون أيضا بالحق في العمل في ما يزيد على 20 وظيفة. واللاجئون الفلسطينيون في لبنان ليسوا مواطنين رسميين لدولة أخرى، وهم بالتالي غير قادرين على اكتساب نفس الحقوق التي يتمتع بها الأجانب الذين يعيشون ويعملون في لبنان.
محمود زيات - موقع جريدة الديار
التعليقات الخاصة بالموضوع :
0 التعليقات :