<عام يذهب وآخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوءاً يا وطني.

بسم الله

بسم الله الرحمن الرحيم

قرار التقسيم وأثره بعد 70 عاما

مشاركة التدوينة :

سعدات بهجت عمر
كان قرار التقسيم رقم 181 الذي اتخذته الجمعية العامة لﻷمم المتحدة في 29/11/1947 والذي ينص على تقسيم فلسطين الواقعة تحت اﻻنتداب البريطاني الى دولتين. عربية، ويهودية فاتحة مرحلة جديدة في تاريخ فلسطين. قبلت القيادة الصهيونية بقرار التقسيم معتبرة اياه تتويجا لجهودها وسعيا نحو اقامة دولة صهيونية في فلسطين اعترافا دوليا بحقها في اقامة هذه الدولة. فقرار التقسيم كان بين طياته إمكانية حقيقية وحيدة ﻻستقﻻل يهودي، والجمعية العامة لﻻمم المتحدة لم تستطع ان تقرر خﻻفا لذلك فقد اضطرت زورا الى احترام تصريح بلفور الذي كان اساس اﻻنتداب في فلسطين.
-التناقض في المصالح بين الدول الكبرى فيما يتعلق باستمرار حكم بريطانيا في فلسطين.
-ادراك الخطر المتوقع لﻷقلية اليهودية إذا حكم عليها العيش في دولة عربية في فلسطين (وهذا وهم مقصود). لهذه اﻻمور مجتمعة قررت الوكالة اليهودية قبول مشروع التقسيم حيث اصدر بن غوريون رئيس الوكالة آنذاك بيانا ذكر فيه"ان قرار اﻻمم المتحدة حول اقامة دولة للشعب اليهودي ذات السيادة في جزء من وطنه القديم هو مشروع يتسم بالعدالة التاريخية ويكفر جزئيا على اﻷقل من الظلم الذي لم يسبق له مثيل الذي لحق بشعب"اسرائيل" في جيلنا وفي اﻻجيال السابقة. انه نصر  اخﻻقي كبير لفكرة اﻻمم المتحدة فكرة التعاون الدولي من اجل تقوية السﻻم والعدل والمساواة في العالم". (فكرة على حساب حياة شعبنا). رفضت الدول العربية  ومعها شعبنا الفلسطيني آنذاك قرار التقسيم بصورة مطلقة معلنين عدم موافقتهم على تقسيم فلسطين، ومن تمسكهم باقامة دولة فلسطينية مستقلة تجمع اليهود والعرب بعد انتهاء اﻻنتداب.
دعا الحاج امين الحسيني الى نصرة شعبنا الفلسطيني ومساندته بينما كان ممثلوا الدول العربية الذين اجتمعوا في القاهرة في 8/2/1947 يتخذون القرارات في تحديد كميات اﻻسلحة وعدد المتطوعين من الدول العربية الواجب ارسالها الى فلسطين. بدأ الصهاينة يعدون انفسهم لتنفيذ قرار التقسيم بالقوة وساعدهم في تخطيطهم هذا. الوقف البريطاني المتذبذب الذي برز قبل الرحيل النهائي من فلسطين، ثم الثغرات التي بدأت تظهر في الصف العربي رغم مظاهر وحدة الكلمة ومراهنتهم على اﻻنعكاسات السلبية التي كان يمكن ان تحدثها هذه الثغرات على قدرة الصمود الفلسطيني فيما بعد.
الملك عبدالله الذي كان يسعى منذ ظهور فكرة التقسيم الى توسيع منطقة نفوذه ويبسطها على اجزاء من فلسطين إن لم يكن كلها رأى ان الظروف السياسية التي استجدت اثر صدور قرار التقسيم مؤاتية لتنفيذ مشروعه هذا بمساندة بريطانيا، وعمليا كان الملك عبد الله بعد قبوله لقرار التقسيم وموافقته على قيام الدولة اليهودية نحو الوصول الى اتفاق مع اليهود بشرط ان يتم ضم الجزء المخصص للدولة الفلسطينية في القرار الى مملكته. لقد أثر قرار منع اﻻستقﻻل السياسي لشعبنا الفلسطيني الذي اتخذه وباشر بتنفيذه الملك عبدالله بتأييد من حكومة نوري السعيد في بغداد التي كانت تسعى إلى اقامة اتحاد سياسي لدول الهﻻل الخصيب على الموقف العربي من شعبنا الفلسطيني في الجامعة العربية خصوصاىبعد صدور قرار التقسيم.
وهنا ﻻ بد من التساؤل عن الموقف الفلسطيني خﻻل هذه المرحلة؟. كانت هناك تناقضات عديدة بين الحاج امين الحسيني الذي كان يسعى ﻹقامة دولة فلسطينية مستقلة وبين ادارة الهيئة العربية العليا التي تقدمت الى مجلس الجامعة العربية في شباط 1948 بجملة اقتراحات تنص على.
1-تعيين مندوب فلسطيني في القيادة العامة لﻹهتمام بالقضايا السياسية والمدنية لشعبنا الفلسطيني.
2-تشكيل حكومة فلسطينية مؤفتة.
3-طلب قرض لتمويل نشاطات المؤسسات اﻹدارية.
إﻻ أن انسحاب بريطانيا التدريجي الذي بدأ بعد صدور قرار التقسبم وانتهى كليا في 15/5/1948 لم يكن يعني انتهاء تدخلها كليا في فلسطين او تنازلها عن نفوذها هناك. فقد اعدت بريطانيا نفسها لمواجهة واقع انسحابها هذا بواسطة تقوية المركز الدولي والعربي والداخلي لحاكم شرقي اﻻردن واعداده لتولي السلطة السياسية المعترف بها على جميع المناطق الفلسطينية، ومن هنا فإن الموقف البريطاني كان ايضا واضحا في عدم تمكين سكان فلسطين من الحصول على اﻻستقﻻل السياسي وفق قرار مضمون التقسيم، وقد استغلت "اسرائيل" هذا الموقف لتحييد الجانب اﻻردني او لكسبه وبالتالي ﻻختراق الجبهة العربية الموحدة ضدها. وهذا ما حدث فعﻻ خﻻل الحرب بواسطة خروج الجيش اﻻردني عن الخطة الاستراتيجية.
لم يكن شعبنا الفلسطيني في وضع يمكنه من مجابهة مخطط كهذا سواء من الناحية العسكرية والتنظيمية او حتى من الناحيتين اﻻقتصادية واﻻجتماعية وبالتالي فقد كان شعبنا الفلسطيني متجزءا وراء السياسة العربية في فلسطين ورهانه الوحيد على موقف مصر وسوريا اللتين كانتا تؤيدان منح اﻻستقﻻل السياسي لفلسطين بعد انتهاء الحرب (التاريخ يعيد نفسه). إن رفض قرار التقسيم من جانب شعبنا الفلسطيني كان يتطلب توفر امكانيات فائقة لدى شعبنا لتجسيد هذا الرفض عمليا. اي منع تطبيق القرار كليا وبسبب عدم توفر هذه اﻻمكانيات تحول شعبنا الى ضحية لسياسات ومصالح متناقضة وجدت تعبيرا لها في احداث حرب 1948 ونتائجها. في هذا الواقع بدأت احداث حرب 1948 تتﻻحق يوما بعد آخر حيث كان اﻻضراب الذي اعلنه شعبنا عقب صدور قرار التقسيم ثم اﻻحداث الدموية التي تخللته الشرارة الأولى في هذه الحرب التي استطيع ان اقسمها الى اربعة مراحل.
المرحلة اﻻولى: وتبدأ بصدور قرار التقسيم في 29/11/1947 وتنتهي ببدأ المعركة الكبيرة في القسطل في 4/4/1948. المرحلة الثانية: وتبدأ باحتﻻل المناطق الفلسطينية وطرد ابناء شعبنا الفلسطيني بالتخاذل الرسمي العربي خﻻل الفترة الممتدة من اوائل نيسان وحتى 15/5/1948 موعد دخول الجيوش العربية الى فلسطين من تحقيق الهدف الصهيوني بالخذﻻن العربي وبما يتﻻئم ومراحل انسحاب القوات البريطانية من فلسطين.
المرحلة الثالثة: اعﻻن قيام"اسرائيل" واعتراف اميركا واﻻتحاد السوفياتي السابق بها، ومسرحية المواجهة مع الجيوش العربية التي دخلت فلسطين وعدم تخصيص دور مﻻئم في المعركة للمقاتلين الفلسطينيين رغم الكفاءة القتالية الجيدة التي اظهروها في المراحل السابقة من الحرب وقد منع السﻻح عمدا عن شعبنا الفلسطيني حتى ان القوات اﻻردنية باشرت بعد دخولها الى فلسطين بتجريد شعبنا من السﻻح وكذلك فقد اخطأت كما اليوم القيادات العربية قبيل بدء المواجهة في تقييم الموقف الدولي بشكل صحيح وخصوصا اميركا.
المرحلة الرابعة: وتبدأ من 9/7/1948-19/7/1948 بعد فشل الهدنة اﻻولى وتراحع الجيوش العربية الى خارج الحدود الدولية الفلسطينية ﻻحتﻻل المزيد من اﻻراضي الفلسطينية من قبل العصابات الصهيونية الى ان بدأت الهدنة الثالثة بتاريخ 19/7/1948 بناء على قرار مجلس الأمن رقم 54 ومقترحات برنادوت التي اثارت استياء شديدا لدى"اﻻسرائيليين". فقامت مجموعة من منظمة ليمي باغتياله في القدس غداة تقديمه تقريره المذكور الى اﻻمم المتحدة في 17/9/1948 وبهذا فقد ادت النكبة التي حلت بشعبنا الفلسطيني في حرب 1948 الى تشريد مليون فلسطيني الذين خلفوا وراءهم امﻻكا واراضي قدرت مساحتها بما يزيد عن 16 مليون دونم وهجر 350 قرية ومدينة من بين 450 كانت قائمة في المناطق التي احتلتها"اسرائيل" في فلسطين بحيث اصبحت مساحتها بعد الحرب عام 1948 حوالي 21000 كم2. وفي الوقت الذي بدأ فيه شعبنا الفلسطيني بعد النكبة النضال من اجل العودة إلى وطنه نشطت"اسرائيل" في ترسيخ وجودها وبدأت معها المؤامرات العربية ضد شعبنا الفلسطيني وقواه المطالبة بالكفاح من اجل التحرير والعودة والدولة المستقلة تهافتت اﻻنظمة العربية سرا وعلنا اللقاءات مع العدو الصهيوني لتوقيع المعاهدات واﻻتفاقات مع"اسرائيل" لوأد القضية الفلسطينية ودفنها في رحم المؤامرات الدنسة وحتى بعد عودة الرئيس ابو عمار الى ارض الوطن واقامة السلطة الفلسطينية واغتياله ما نزال نرى المواقف المخزية من المؤامرات والحصار والتهديد والوعيد تجاه شعبنا ورئيسه ابو مازن الذي بصموده وصبره يدفع الضريبة النضالية التاريخية الباهظة عن اﻻمة العربية وﻻ شك ان الجديد في اﻻزمة العربية الراهنة هو امتهانها المهين لنفس الدور الذي لعبته السياسة العربية الرسمية وجيوشها حينما دخلت فلسطين عام 1948 لتحسم الحرب لصالح"اسرائيل" وكأن الزمن توقف منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم لما تلعبه السياسة العربية وقممها على مستوى الجامعة العربية يجزم المشاهد والمراقب لدائرة الصراع الدولي في الشرق الاوسط انها وظيفة واحدة من فلسطين وشعبها وقضيتها ومقدساتها.
مشاركة التدوينة :

مقالات

التعليقات الخاصة بالموضوع :

0 التعليقات :