<عام يذهب وآخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوءاً يا وطني.

بسم الله

بسم الله الرحمن الرحيم

إبراهيم أبو دية ( 1919 – 1951 م )

مشاركة التدوينة :


تحرير: عبدالحكيم سمارة

  • إبراهيم أبو دية
    (1919-1951)*

 مجاهد فلسطيني، وأحد قادة قوات الجهاد المقدس، ولد في قرية صوريف، من أعمال الخليل سنة 1919م. بدأ يناضل ضد الاحتلال البريطاني والحركة الصهيونية في سن الثالثة عشرة، فقد عمل حركة وصل بين الثوار في منطقتي الخليل والقدس سنة 1932م. وفي سنة 1934م انضم إلى قوات الجهاد المقدس وشارك في ثورة 1936-1939م. ففي يوم من أيام أيار، الشهر الثاني لثورة 1936م في فلسطين دخل الحاجب إلى مكتب قيادة الجهاد المقدس وقال: إن في الباب فتى لا يتجاوز الثالثة عشرة يطلب مقابلة المسؤول، ولما أذن له، دخل الفتى الحديث السن غير وجل ولا هياب، وقال: أنا اسمي إبراهيم أبو دية من قرية " صوري" إحدى قرى منطقة العرقوب الواقعة بين قضاء القدس وقضاء الخليل. وقد جئت أطلب سلاحا لألتحق بالثورة وأحارب الإنجليز، واستطاع المسؤول إقناعه بالعدول عن حمل فكرة السلاح والقتال، فاقتنع الفتى ولكنه قال: اجعلوني مراسلا أوصل ما تريدون إرساله إلى قيادة الثورة، فأنا صغير السن والإنجليز لا يشكون بي، إذا صادفوني في الجبال فقد امتهنت رعاية الأغنام مدة من الزمن فاستطيع الادعاء أمامهم باني راعٍ، وهكذا كانت أول صلة لإبراهيم أبو دية بالثورات.
 ولما استؤنفت أعمال الكفاح عام 1937م، انضم إبراهيم إلى منظمة الجهاد المقدس بقيادة الشهيد عبد القادر الحسيني، واصبح جنديا من جنوده البواسل، يضرب أروع الأمثلة في البطولة والشجاعة، وهو لم يتجاوز بعد سن الثامنة عشرة، وبقي يحارب ويجاهد حتى انتهاء الثورة خريف عام 1939م، فعاد إلى قريته وانطوى على نفسه، يعمل في الزراعة والفلاحة منتظرا سنوح الفرصة لاستئناف الكفاح.
 وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، انضم إلى الحزب العربي الفلسطيني، وعمل مع القائد الشهيد عبد القادر الحسيني، في جمع الأسلحة ونقلها من مصر إلى فلسطين، وتوزيعها على المجاهدين، تمهيدا لمتابعة الثورة. وفي شهر كانون الأول عام 1947م، على اثر صدور قرار التقسيم، واعلان الثورة على الاستعمار والصهيونية، سطع نجم إبراهيم أبو دية في هذه الثورة، وبرزت شخصيته بشكل واضح قوي، وتولى الإشراف على العمليات العسكرية في المنطقة الجبلية الواقعة بين القدس والخليل، وابلى في جهاده بلاءً حسنا، وخاض عدة معارك طاحنة ضد الإنجليز والحركة الصهيونية، وكان النصر حليفه في كل واحدة منها، وكان من اعظم المعارك التي خاض البطل غمارها معارك صوري، وكفار عصيون والدهيشة ومعارك طرق المواصلات، واشترك في معارك القسطل الهائلة وجرح جرحا بليغا، فنقله إخوانه إلى مصر للمعالجة، وما أن شفي حتى عاد إلى الميدان بقوة وعزم. وفي النصف الثاني من شهر نيسان سنة 1948م، حاصر اليهود مدينة القدس وهددوا باحتلالها، فاسند إليه أمر الدفاع عن الأحياء الغربية للمدينة، وكانت اخطر المراكز التي يهددها اليهود، فجعل مقر قيادتة حي القطمون وكان ذلك في 1/5/1948م. فسبق لإبراهيم أبو دية أن شارك في معركة القسطل إلى جانب الشهيد عبد القادر الحسيني، وكان ذلك في 7/4/1948م. وكانت مجموعته أول المجموعات التي دخلت إلى القسطل، فقد تولى قيادة مجموعة الجهاد المقدس في هذه المعركة، وقد أصيب بجراح. وفي معركة حي القطمون صمد أبو دية لمدة 24 يوما دون أن يمكن العصابات اليهودية من تحقيق نصر واحد، مما اذهل اليهود والإنجليز، وصار اسم إبراهيم أبو دية على كل لسان رمزا للبطولة والشجاعة، وفي يوم 10/5/1948م، شن اليهود هجوما صاعقا على حي القطمون وأحياء القدس الغربية، فصمد أبو دية في وجههم ونظرا للأخطار العظيمة المحدقة بالقدس، فقد استنجد أبو دية بالقرى والمدن المجاورة، فهرع إليه الكثيرون من الشبان المسلحين بإمدادات قوية لنصرته، ولكن القوات البريطانية منعت بقوة الحديد والنار هذه الإمدادات من الوصول إلى حي القطمون، انتصارا لليهود، شأنها في منع كل إمدادات عربية، ولم يكن مع أبو دية سوى ( 250) مجاهدا للصمود في وجه الأعداء المتفوقين عددا وعدة. فشن اليهود عليهم بمعرفة الإنجليز وتواطئهم ومساعدتهم هجوما عنيفا في 12و 13 أيار، انتهى باستشهاد 216 مجاهدا وإصابة القائد إبراهيم أبو دية بجراح بالغة، واضطر إلى الانسحاب ريثما يشفى من جراحه. وبعد كارثة فلسطين في 15 أيار سنة 1948م، عاد إبراهيم أبو دية إلى الجهاد، فحشد عددا من المجاهدين الفلسطينيين، واخذ يشن الهجمات على اليهود في منطقة القدس رغم ما كان يقوم في وجهه من عراقيل وعقبات. وقاد حملة واسعة على مستعمرة " رمات راحيل" الواقعة إلى الجنوب من القدس وطرد القوات اليهودية المرابطة هناك واستولى عليها، ولكن البطل أصيب على حين غرة برصاصات من مدفع رشاش قصمت ظهره، فنقل إلى مستشفى بيت لحم للمعالجة. ولما أفاق من غيبوبته بعد بضعة أيام وجد نفسه مشلولا، ولاحظ اضطرابا شديدا بين زواره واهل قريته، فاستطلعهم الخبر، وعلم أن اليهود قد احتلوا قرية " صوري" فعظم عليه الأمر وطلب أن يخرج من المستشفى ليقاتل الأعداء، فدهش الأطباء ولم يسمحوا له بذلك، فكظم غيظه وأعطى أمرًا للمجاهدين بالاحتشاد في موقع معين يشرف على قرية " صوري" واسرّ لحرس قيادته بان يطوقوا المستشفى في منتصف الليل وينقلوه منه عنوة، فنفذوا أمره ونقلوه بسيارة جيب" أحيطت بالوسادات" إلى حيث تحتشد القوى، وهناك وزع جنوده على مواقع استراتيجية وقاد المعركة قبيل الفجر وامطر اليهود نيرانا من جميع المواقع، فهلع الأعداء لكثرة الإصابات بينهم ولاذوا بالفرار في الوديان تاركين أسلحتهم وعتادهم ووسائل نقلهم، ولما اطمأن البطل إلى استرجاع قريته أمر جنوده بإعادته إلى المستشفى والدماء تنزف من جرحه. ثم انتقل إبراهيم أبو دية إلى بيروت للمعالجة ولكن دون جدوى فقد كان الجرح الذي أصيب به فوق مقدرة الأطباء على العلاج، واصبح البطل أبو دية مُقعدا، ولكن هذا كله لم يمنعه من العمل، فجعل من نفسه رسولا يتجول بين الفلسطينيين في مخيماتهم ومراكز إقامتهم، يحثهم على الجهاد والكفاح ويدعوهم إلى الصبر والتحمل، وكثيرا ما كان ينقله رفاقه في السلاح، محمولا على السواعد ليقوم بهذه المهمة، واستمر المقعد المريض في أعماله الوطنية حتى دهمته المنية في مدينة بيروت سنة 1951م. فدفن في ثراها وهو لم يتجاوز الثامنة والعشرين، وفقدت فلسطين بوفاته واحدا من أخلص أبنائها وقائدا من أكبر قوادها وأكثرهم صلابة ووطنية وجرأة.
(جت – المثلث)

(*) جاء في الأعلام لخير الدين الزركلي ( المجلد الأول) الطبعة الرابعة، منشورات دار العلم للملايين بيروت-لبنان. (1990) أن إبراهيم أبو دية ولد سنة 1918 وتوفي سنة 1952م.


مشاركة التدوينة :

شهداء فلسطين

التعليقات الخاصة بالموضوع :

0 التعليقات :